في الضمائر السابقة جارية هنا وإن كان الاظهر عند الاكثر رجوعه إلى السفلى.
« في فلك دائر » الظرف إما بدل عن « فيها » فيفيد حركة السفلى أو العليا أو الجميع على تقادير إرجاع الضمير بالحركة اليومية أو الخاصة أو الاعم ، وإما في موضع حال عن المنصوبين ، فيمكن أن يكون المراد بالفلك الدائر الافلاك الجزئية. والفلك بالتحريك : كل شئ دائر ، ومنه « فلكة المغزل » بالتسكين ويقال : فلك ثدي المرأة تفليكا إذا استدار.
« وسقف سائر ورقيم مائر » الرقيم : في الاصل الكتاب ، فعيل بمعنى مفعول قال ابن الاثير : منه حديث علي رضياللهعنه في صفة السماء « سقف سائر ورقيم مائر » يريد به وشئ السماء بالنجوم. والمائر : المتحرك ، وليس هذا بالمور الذي قال الله تعالى « يوم تمور السماء مورا » (١) وهاتان الفقرتان أيضا تدلان على حركة السماء لكن لا تنافي حركة الكواكب بنفسها أيضا كما هو ظاهر الآية.
« ثم فتق ما بين السماوات العلى فملاهن أطوارا من ملائكته » الظاهر أن كلمة « ثم » للترتيب المعنوي ، فيكون فتق السماوات بعد خلق الشمس والقمر بل بعد جعلها سبعا وخلق الكواكب فيه ، ويحتمل أن يكون للترتيب الذكري والظاهر أن المراد بفتقها فصل بعضها عن بعض فيؤيد بعض محتملات الآية كما أشرنا إليه سابقا. ويدل على بطلان ما ذهبت الفلاسفة (٢) إليه من تماس الافلاك وعدم الفصل بينها بهواء ونحوه. والاطوار : جمع طور بالفتح ، وهو في الاصل التارة ، قال الله تعالى « وقد خلقكم أطوارا » (٣) قيل : أي طورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا مضغة. وقيل : أي حالا بعد حال ، وقيل : أي خلقكم مختلفين في الصفات : أغنياء وفقراء ، وزمنى (٤) وأصحاء. ولعل الاخير هنا أنسب. ولو كانت
____________________
(١) الطور : ٩.
(٢) يعنى الفلكيين.
(٣) نوح : ١٤.
(٤) الزمنى وزان مرضى جمع « الزمين » وهو المبتلى بالزمانة وهى آفة تتعطل بها القوى.