الملائكة مخلوقة قبل السماوات كما هو ظاهر بعض الاخبار الآتية فقبل فتقها كانوا في مكان آخر يعلمه الله (١).
« منهم سجود لا يركوعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافون لايتزايلون ومسبحون لا يسأمون السجود و الركوع هنا جمع ( ساجد » و « راكع » وفاعل الصفة يجمع على فعول إذا جاء مصدره عليه إيضا ، والانتصاب : القيام ، والصف : ترتيب الجمع على خط ، كالصف في الصلوة والحرب ، وقال أبوعبيدة : كل شئ بين السماء والارض لم يضم قطريه فهو صاف ، ومنه قوله تعالى « والطير صافات » (٢) أي نشرت أجنحتها ، وبالوجهين فسرق قوله تعالى « والصافات صفا (٣) » والتزايل : التباين والتفارق ، والسأمة : الملالة والضجر.
« لا يغشاهم نوم العيون ، ولا سهوالعقول ، ولا فترة الابدان ولا غفلة النسيان » غشيه كعلمه إذا جاءه ، أي لا يعرضهم ، والفترة : الانكسار والضعف ، وظاهر الكلام اختصاص الاوصاف بهذا الصنف ، ويمكن أن يكون التخصيص بها جميعا أو ببعضها لامر آخر غير الاختصاص. « ومنهم امناء على وحيه » الوحي في الاصل أن يلقي الانسان إلى صاحبه شيئا بالاستتار والاخفاء ، ويكون بمعنى الكتابة والاشارة والرسالة. « وألسنة إلى رسله » أي رسلا إليهم ، كما قال تعالى « الله يصطفي من الملائكة رسلا » (٤) « ومختلفون بقضائه » أي (٥) مقتضياته كما يأتون به في ليلة القدر وغيرها ، « وأمره » أي أحكامه ، أو الامور المقدرة ، كما قال تعالى « بإذن ربهم من كل أمر » (٦) فالاحكام داخلة في السابقتين ، ويمكن تخصيص الاخير بغير الوحي
____________________
(١) هذا على فرض وجود مكان غير السماوات والارض وأما على فرض عدمه كما لا يبعد استظهاره من الايات والروايات فلا محيص عن الالتزام بتجرد الملائكة.
(٢) النور : ٤١.
(٣) الصافات : ١.
(٤) الحج : ٧٥.
(٥) في بعض النسخ : ومقضياته.
(٦) القدر : ٤.