الفضل وغيره ممن حضر المجلس كان يسلك هذا المسلك ، وربما يقال : لعل الراوي سهى أو خبط في فهم كلامه عليهالسلام وكان ما قاله عليهالسلام هو أن الكواكب كانت مع الشمس في شرفها ، والضمير في « شرفها » كان للشمس لا للكواكب ، فاشتبه عليه وزعم أن الضمير للكواكب ففصل كما ترى.
واقول : على ما ذكرنا لا حاجة إلى تحريف الحديث ونسبة السهو إلى الراوي وما ذكروه ليس مستندا إلى حجة ، وأكثر أقاويلهم في أمثال ذلك مستندة إلى أوهام فاسدة وخيالات واهية كما لا يخفى على من تتبع زبرهم.
قال أبوريحان (١) فيما عندنا من تاريخه في سياق ذكر ذلك : وبكل واحد من الادوار تجتمع الكواكب في أول الحمل بدءا وعودا ولكنه في أوقات مختلفة فلو حكم على أن الكواكب مخلوقة في أول الحمل في ذلك الوقت أو على أن اجتماعها فيه هو أول العالم أو آخره لتعرف دعواه تلك عن البينة وإن كان داخلا في الامكان ، ولكن مثل هذه القضايا لا تقبل إلا بحجة واضحة أو مخبر عن الاوائل والمبادي موثوق بقوله ، متقرر في النفس صحة اتصال الوحي والتأييد به ، فإن
____________________
(١) ابوريحان محمد بن أحمد البيرونى الخوارزمى الحكيم ، الرياضى ، الطبيب ، المنجم المعروف ، كان فليسوفا عالما بالفلسفة اليونانية وفروعها وفلسفة الهنود ، وبرع في علم الرياضيات والفلك ، بل قيل انه اشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين ، كان معاصرا لابن سينا وكان بينهما مراسلات وابحاث ، كان اصله من « بيرون » بلد في السند وسافر إلى بلاد الهند اربعين سنة اطلع فيها على علوم الهنود واقام مدة في « خوارزم » وكان اكثر اشتغاله في النجوم والرياضيات والتاريخ ، وخلف مؤلفات نفيسة منها « الاثار الباقية عن القرون الخالية » في التاريخ الفه لشمس المعالى قابول حكى انه كان مكبا على تحصيل العلوم متفننا في التصنيف لايكاد يفارق يده القلم وعينه النظر وقلبه الفكر ، وكان مشتغلا في جميع ايام السنة الا يوم النيروز والمهرجان. وحكى عن الشيخ صلاح الدين الصفدى انه قال : كان ابوريحان البيرونى حسن المعاشرة ، لطيف المحاضرة ، خليعا في الفاظه ، عفيفا في أحواله لم يأت الزمان بمثله علما وفهما.
توفى سنة « ٤٣٠ » تقريبا.