في كتاب الفصول : اصل قد ثبت أن وجود الممكن من غيره ، فحال إيجاده لايكون موجودا لاستحالة إيجاد الموجود ، فيكون معدوما ، فوجود الممكن مسبوق بعدمه ، و هذا الوجود (١) يسمى حدوثا ، والموجود محدثا ، فكل ما سوى الواجب من الموجودات محدث. واستحالة الحوادث لا إلى أول كما يقوله الفلسفي لا يحتاج إلى بيان طائل
____________________
في نفسه لا يدفع الاشكال ، اما فساده في نفسه فلانهم ان ارادوا بكون الزمان منتزعا من ذات البارئ سبحانه انه موجود حقيقى ممكن ومع ذلك ينتزع من البارى تعالى فهو واضح السخافة على انه غير مسبوق بعدم زمانى ، وان ارادوا به انه امر موهوم كما صرح به بعضهم ففيه انه يستلزم الغاء كل تقديم وتأخر زمانى من رأس ، وعدم فرق بين الحوادث الماضية والاتية وهو سفسطة ظاهرة واما عدم دفعه للاشكال فلان العدم الزمانى انما يتصور في ماشأنه الوقوع في ظرف الزمان واذا فرض نفس الزمان كذلك يجب فرض زمان آخر يقع هذا الزمان في بعض اجزاء ذلك وهكذا فيبقى محذور التسلسل بحاله سواء قلنا بان الزمان امر منتزع اولم نقل. ولذا الغى المحقق الطوسى قدم سره القدوسى اعتبار الزمان في الحدوث والقدم مستدلا باستلزامه التسلسل فان اراد عدم اعتباره في مفهومهما لشولهما للذاتى والدهرى ايضا كان معناه عدم انحصارهما في الزمانى حتى يلزم التسلسل على القول بحدوث نفس الزمان ، وان اراد عدم اعتباره في الزمانيين كان ذلك اعتراضا عما التزم به المتكلمون في القديم من مقارنته للزمان الغير المتناهى وفي الحادث من مسبوقيته بزمان خال عن وجوده ، وكان حاصله انه يكفى في القديم الزمانى كونه خارجا عن ظرف الزمان ويجوز في الحادث الزمانى كونه غير مسبوق بزمان بشرط ان يكون زمانا أو زمانيا.
اذا عرفت هذا فاعلم انه ليس المراد بقوله « لاقديم سوى الله تعالى » انه تعالى مقارن لزمان غير متناه من جهة البدء وما سواه مقارن لزمان متناه بدءا وهذا ظاهر مما ذكرنا فالمراد به اما انحصار القدم الذاتى بالبارئ سبحانه وهو ضرورى : او نفى القدم المرادف للسرمدية عن غيره وهو ملازم لاثبات الحدوث الدهرى لما سوى الله تعالى. واما نفى القدم بمعنى الخروج عن ظرف الزمان عن غيره سبحانه وهو ملازم لاثبات الحدوث الزمانى بالمعنى الاخير للعالم ، لكنه لا يتم الامع انكار الجواهر المجردة او الحاق العالم العقلى بالصقع الربوبى كما فعله صدر المتألهين رحمة الله عليه.
(١) الوجه ( خ ).