بعد ثبوت إمكانها المقتضي لحدوثها (١). ثم قال : مقدمة كل مؤثر إما أن يكون أثره تابعا للقدرة والداعي أو لا يكون بل يكون مقتضى ذاته ، والاول يسمى قادرا ، والثاني موجبا ، وأثر القادر مسبوق بالعدم (٢) ، لان الداعي لا يدعو إلا إلى المعدوم وأثر الموجب يقارنه في الزمان ، إذ لو تأخر عنه لكان وجوده في زمان دون آخر ، فإن لم يتوقف على أمر غير ما فرض مؤثرا تاما كان ترجيحا من غير مرجح ، وإن توقف لم يكن المؤثر تاما وقد فرض تاما وهذا خلف. ثم قال : نتيجة : الواجب المؤثر في الممكنات قادر ، إذلو كان موجبا لكانت الممكنات قديمة (٣) ، واللازم باطل لما تقدم ، فالملزوم مثله.
وسئل السيد مهنان بن سنان العلامة الحلي ره في جمله مسائله : ما يقول سيدنا في المثبتين الذين قالوا إن الجواهر والاعراض ليست بفعل الفاعل وإن
____________________
(١) الحدوث الذى يقتضيه امكان الحوادث هو الذاتى ، وقد صرح في التجريد بجواز استناد الممكن القديم « على فرض وجوده » إلى المؤثر ، ولازمه عدم الملازمة بين الامكان و الحدوث الزمانى ، الا انه استشكل فيه بانه مستلزم لا يجاب المؤثر ، وسيأتى الكلام فيه (٢) استحالة انفكاك المعلول من العلة قريب من البداهة وقد استدل باالمحقق الطوسى نفسه في كتبه الكلامية والحكمية غير مرة ولا فرق فيه بين العلة الموجبة و المختارة لتساوى الملاك فيهما ، واما انفكاك الحوادث عن الحق تعالى فليس من اجل كونه تعالى مختارا أو لعدم كونه علة بل لجهة اخرى يضيق المجال عن ذكرها وسيأتى الاشارة إليها واما ان الداعى لا يدعو الا إلى المعدوم فيعد حمل الداعى في مورد الواجب تبارك وتعالى على الغرض الغير الزائد على الذات نقول : ان اراد بالمعدوم ما يكون بذاته غير موجود فلا يثبت به تأخر الاثر عن المؤثر المختار زمانا ، وان اراد به المعدوم في زمان فممنوع لان من الاثر ما لا يكون زمانيا وليس من شأنه ان يقارن الزمان ، والتأخر الزمانى انما يتصور في مايقع في ظرف الزمان ، فكيف يحكم مطلقا بوجوب تأخر الاثر عن المؤثر القادر زمانا؟ واماما ذكره في التجريد من استحالة استناد الممكن القديم إلى المؤثر المختار ففيه ان حقيقة الاختيار كون الفاعل بحيث ان شاء فعل وان شاء لم يفعل وصدق الشرطية لا يتوقف على فعلية الطرفين فلقائل أن يقول : يمكن ان يكون الواجب قد شاء ان يخلق خلقا في الازل وفعل باختياره.
(٣) لكن قدم المكن لا يستلزم ايجاب المؤثر لما عرفت.