الجوهر جوهر في العدم كما هو جوهر في الوجود فهل يكون هذا الاعتقاد الفاسد موجبا لتكفيرهم وعدم قبول إيمانهم وأفعالهم الصالحة وقبول شهادتهم ومناكحتهم أم لا يكون موجبا لشئ من ذلك؟ وأي شئ يكون حكمهم في الدنيا؟ فأجاب ره بأنه لا شك في رداءة هذه المقالة : وبطلان كلها ، لكن لا توجب تكفيرهم ولاعدم قبول إيمانهم وأفعالهم الصالحه ، ولارد شهادتهم ، ولا تحريم مناكحتهم ، وحكمهم في الدنيا و الآخرة حكم المؤمنين ، لان الموجب للتكفير هو اعتقاد قدم الجوهر وهم لا يقولون بذلك ، لان القديم يشترط فيه الوجود وهم لا يقولون بوجوده في الازل ، لكن حصلت لهم شبهة في الفرق بين الوجود والثبوت ، وجعلوا الثبت أعم من الوجود ، و أكثر مشايخ المتكلمين من المعتزلة والاشاعرة مثبتون ، فكيف يجوز تكفيرهم؟ ثم قال السيد ره : ما يقول سيدنا فيمن يعتقد التوحيد والعدل ولكنه يقول بقدم العالم؟ ما يكون حكمه في الدنيا والآخرة؟ فأجاب ره : من اعتقد قدم العالم فهو كافر بلا خلاف ، لان الفارق بين المسلم والكافر ذلك ، وحكمه في الآخرة حكم باقي الكفار بالاجماع. والشيخ الجليل أبوالصلاح الحلبي صرح في « تقريب المعارف » بالحدوث وأقام الدلائل عليه ، وكذا السيد الكبير ابن زهرة (١) في كتاب « غنية النزوع » أورد الدلائل على ذلك.
وقال النوبختى ره في كتاب « الياقوت » : الاجسام حادثة لانها إذا اختصت بجهة فهي إما للنفس ويلزم منه عدم الانتقال ، أو لغيره وهو إما موجب أو مختار ، والمختار ، قولنا ، والموجب يبطل ببطلان التسلسل ، ولانها لا تخلو من
____________________
(١) هو السيد أبوالمكارم حمزة بن على بن زهرة الحسينى الاسحاقى الحلبى المعروف بالشريف الطاهر ، هو وأبوه وجده وأخوه ابوالقاسم عبدالله بن على صاحب « التجريد » في الفقه وابنه محمد بن عبدالله كلهم من اكابر فقهائنا ، وبيتهم بيت جليل بحلب ، قال في القاموس « وبنو زهرة شيعة بحلب » له مصنفات كثيرة في الامامة والفقه والنحو وغير ذلك منها « غنية النزوع إلى علمى الاصول والفروع » و « قبس الانوار في نصرة العترة الاطهار » توفى رحمه الله سنة « ٥٨٥ » في سن اربع وسبعين وقبره بحلب بسفح جبل جوشن عند مشهد السقط.