أنه كان قبل أن فعل مدة يزيد امتدادها ، لان هذا هو الحدوث والتجدد و هو معنى الزمان والحركة. فإن قال قائل : إنه لا يثبت في الاوهام إلا هذا الامتداد. قيل له : ليس [ بحيث ] يجب إذا ثبت في الوهم أن يكون صحيحا ، أليس عندكم أنه ليس خارج العالم خلا ، وذلك غير متوهم؟ وساق إلى أن قال : ثم يقال لهم : أرأيتم لو قال لكم قائل : ليس يثبت في وهمي موجود ليس في جهة فيجب أن يكون البارئ عزوجل في جهة ، أليس يكون الجواب أن يقال : إنما يثبت ذلك في الوهم متى فرضتموه جسما ، فأما متى فرضتموه غير جسم ولا متحيز فإنه لا يثبت ذلك في الوهم؟ فهكذا يكون جوابنالكم. قال : ثم قال هذا المتكلم : فإن قالوا : إذا لم تثبتوا مدة مديدة قبل الفعل فقد قلتم إن البارئ سبحانه لم يتقدم فعله! قيل : بل نقول : إنه يتقدم على معنى أن وجوده قارن عدم فعله ، ثم قارن وجود فعله وقولنا ثم يترتب على عدم الفعل لا غيره.
اقول : وتكلم في ذلك كثيرا إلى أن قال : وهذه الطريقة التي حكيتها هي عندى قاطعة لمادة الشبهة ، كافية في إثبات الحجة على المدل بها ، وهي مطابقة لاختيار أبي القاسم البلخي لانه لا يطلق القول بأن بين القديم وأول المحدثات مدة ، ويقول : إنه قبلها بمعنى أنه كان موجودا ثم وجدت ، وهو معنى ما ذكره هذا المتكلم في قوله « إن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله » فهو على هذا الوجه قبل أفعاله.
ثم قال : واعلم أيدك الله أن العبارات في هذه المواضع تضيق عن المعاني وتدعوالضرورة إلى النطق بما عهد ووجد في الشاهد وإن لم يكن المراد حقيقته في المتعارف ، ويجوز ذلك إذا كان مؤديا لحقيقة المعنى إلى النفس ، كقولنا : قبل وبعد ، وكان ، وثم ، فليس المعهود في الشاهد استعمال هذه الالفاظ إلا في الاوقات والمدد ، فإذا قلنا إن الله تعالى كان قبل خلقه ثم أوجد خلقه فليس هذا التقديم والتأخير مفيدا لاوقات ومدد ، وقد يتقدم الاوقات بعضها على بعض بأنفسها من غير أن يكون لها أوقات اخر. وكذلك ما يطلق به اللفظ من قولنا إن وجود الله قبل