وجود خلقه ، فليس الوجود في الحقيقة معنى غير الموجود ، وإنما هو اتساع في القول ، والمعنى مفهوم معقول (١) « انتهى ».
وقال الشيخ المفيد ره في كتاب المقالات : الوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشئ ، وليس هو بحادث مخصوص ، والزمان اسم يقع على حركات الفلك فلذلك لم يكن الفعل محتاجا في وجوده إلى وقت ولا زمان ، وعلى هذا القول سائر الموحدين انتهى.
وإنما أوردت كلام هؤلاء الاجلاء لئلا يتوهم أن هذا القول مستحدث مخالف لمذهب الامامية ولم يقل به القدماء ، بل الظاهر من كلام أكثر القدماء ذلك والله يعلم حقيقة الحال.
الطريق الثالث : أن إمكان وجود المعلول معتبر ، وهو من شرائط قبول المعلول للوجود ، ولا من شرائط تمامية الفاعل في التأثير ، لكونه من متممات ذات المعلول المفتقر إلى المؤثر ، ويجوز أن يكون بعض أنحاء الوجود بالنسبة إلى مهية واحدة ممكنا دائما وبعض آخر ممتنعا بالذات دائما كما بين في محله ، ومثل هذا لا يستلزم تغيير أصلا لا من طرف العلة ولا من طرف المعلول حتى نطلب له سببا ، بل أبدا هذا النحو من الوجود ممكن وذاك ممتنع ، إذا تقرر هذا فنقول : لعل الوجود الدائمي لا تقبله الماهية الممكنة أصلا وقد مر من الاخبار والمؤيدات العقلية ما يؤكده ، وسيظهر تأييد آخر من جواب النقض على دليلهم ، وبالجملة يجب عليهم إثبات أن الممكن يقبل الوجود الازلي حتى يتم دليلهم ودونه خرط القتاد.
الطريق الرابع : النقض بالحوادث اليومية ، فإنا نقول : لو كان الواجب
____________________
(١) كلام هذا المحقق الجليل وكذا كلام استاذه المتقدم ذكره وكذا كلام الشيخ المفيد رحمهمالله وسائر كلمات اساطين العلم واعاظم العلماء تدل على أن الحدوث المجمع عليه ليس ما يدعيه جمهور المتكلمين من كون العالم واقعا في جزء من الزمان ووجود زمان غير متناه قبل خلق العالم ، بل صريح كلام الكراجكى أن القول بوجود زمان بين الحق تعالى او أول الافعال مناقض للقول بالحدوث ، فتدبر جيدا.