وأما غير هم فقيل : أولها الماء ، كما يدل عليه أكثر الاخبار المتقدمة ، و نقلنا ذلك سابقا عن « ثاليس المطي » ورأيت في كتاب « علل الاشياء » المنسوب إلى « بليناس الحكيم » أنه قال : إن الخالق تبارك وتعالى كان قبل الخلق ، و أراد أن يخلق الخلق ، فقال : ليكن كذا وكذا فكانت هذه الكلمة علة الخلق ، و سائر المخلوقات معلول ، وكلام الله عزوجل أعلى وأعظم وأجل من أن يكون شيئا تدركه الحواس ، لانه ليس بطبيعة ، ولا جوهر ، ولا حار ، ولا بارد ، ولا رطب ، ولا يابس. ثم قال بعده : إن أول ما حدث بعد كلام الله تعالى الفعل ، فدل بالفعل على الحركة ، ودل بالحركة على الحرارة ، ثم لما نقصت الحرارة جاء السكون عند فنائها ، فدل بالسكون على البرد ، ثم ذكر بعد ذلك أن طبائع العناصر الاربعة إنما كانت من هاتين القوتين أعني الحر والبرد ، قال : وذلك أن الحرارة حدث منها اللين ، ومن البرودة اليبس ، فكانت أربع قوى مفردات فامتزج بعضها ببعض فحدث من امتزاجها الطبائع ، وكانت هذه الكيفيات قائمة
____________________
مثل ما ورد في كونه نور النبى صلىاللهعليهوآله او العقل او القلم لكن فيها ما يفسر سائر الروايات ويوضحها كما ورد في ان نور النبى صلىاللهعليهوآله خلق قبل خلق المكان ، وقد اسلفنا ان تنزهه عن لوازم المادة من الزمان والمكان دليل تجرده عنها ، والتجرد لاينفك عن العقل كما ثبت في محله. وفي الروايات اشارات إلى تجرد العقل والقلم أيضا ولعنا نوفق للتنبيه عليها ان شاء الله تعالى فالجمع بين ما يدل على كون اول ما خلق الله نور النبى (ص) أو العقل أو قلم وبين ما يدل على كونه الماء مثلا بحمل الاول على اول المجردات والثانى على اول الماديات وأما الجمع بين ما يدل على كونه نور النبى صلىاللهعليهوآله وبين ما يدل على كونه العقل أو القلم فان قيل بوحدة الجميع او كونها مراتب حقيقة واحدة فواضح وإلا فحمل الاولية على الضافية دون الحقيقية.
وقد مرتصريح ثلة من اساطين العلم والحكمة على كون خلق المحلوق الاول قبل خلق الزمان بل على جواز وجود موجودات كثيرة قبل وجود الزمان ، وقد اشرنا عند ذكر كلامهم إلى ان ذلك لا ينفك عن تجرد الصادر الاول او كل ما وجد بلا زمان فتذكر.