وجابلق بلد بالمشرق (١) (انتهى) ويقال إن فيهما أو في إحداهما أصحاب القائم عليهالسلام والصوفية والمتألهون من الحكماء أولوا أكثر هذه الاخبار بعالم المثال قال شارح المقاصد : ذهب بعض المتألهين من الحكماء ونسب إلى القدماء أن بين عالمي المحسوس والمعقول واسطة تسمى عالم المثل ، ليس في تجرد المجردات ولا في مخالطة الماديات ، وفيه لكل موجود من المجردات ، والاجسام ، والاعراض والحركات ، والسكنات ، والاوضاع ، والهيئات ، والطعوم ، والروائح ، مثال قائم بذاته ، معلق لا في مادة ومحل ، يظهر للحس بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء والهواء ونحو ذلك ، وقد ينتقل من مظهر إلى مظهر ، وقد يبطل كما إذا فسدت المرآة والخيال ، أو زالت المقابلة أو التخيل وبالجملة هو عالم عظيم الفسحة غير متناه ، يحذو حذوا العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية ، و قبول عناصره ومركباته آثار حركات أفلاكه وإشراقات العالم العقلي ، وهذا ما قال الاقدمون إن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي لايتناهى عجائبه ولا تحصى مدنه ، ومن جملة تلك المدن جابلقا وجابرسا ، وهما مدينتان عظيمتان لكل منهما ألف باب لا يحصى ما فيها من الخلائق ، ومن هذا عالم يكون فيه الملائكة
____________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله وأهل بيته عليهمالسلام وماضاها هما أيضا ناظرة إلى هذه العوالم والله أعلم.
وبالجمله يستفاد من هذه الروايات ان تلك العوالم اشرف وألطف من عالم المادة وإن لم تخل عن المقادير والعوارض الجسمانية مطلقا ، فتنطبق على عالم المثال ، لكن لا يوجب ذلك اثبات جميع الخواص التى يأتى نقلها عن شارح المقاصد لها ، فان جلها لا يخلو عن مناقشة كظهور الصور المثالية في المرآة وادراكها عند غلبة الخوف والامراض ، فان ما يصح من ذلك إنما هو من خواص المثال الاصغر الذى هو من مراتب النفس الانسانية والكلام في العوالم الخارجية وما يجئ من طعن العلامة المؤلف رحمه الله على هذا القول انما هو للالتزام بهذه الخصوصيات والافهو لا ينكر الموجود المثالى رأسا ، كيف وقد اذعن بصراحة روايات كثيرة في اثباته ، وبه صحح كثيرا من المسائل الاعتقادية كما اشار إلى بعضها في ذيل هذا الباب.
(١) القاموس : ج ٢ ، ص ٢٩٧ ، و ج ٣ ، ص ٢١٧.