٢ ـ ومنه : فيما سأل يزيد بن سلام النبي صلىاللهعليهوآله سأله عن الدنيالم سميت الدنيا؟ قال : لان الدنيا دنية خلقت من دون الآخرة ، ولو خلقت مع الآخرة لم يفن أهلها كما لا يفنى أهل الآخرة. قال : فأخبرني لم سميت الآخرة آخرة؟ قال : لانها متأخرة تجئ من بعد الدنيا ، لا توصف سنينها ، ولا تحصى أيامها ، ولا يموت سكانها (١) « الخبر ».
بيان : قوله في الخبر الاول « لانها أدنى من كل شئ » أي أقرب بحسب المكان أو بحسب الزمان ، أو أخس وأرذل على وفق الخبر الثاني. وقوله « لان فيها الجزاء » لعله بيان لملزوم العلة ، أي لما كان فيها الجزاء ، والجزاء متأخر عن العمل ، فلذا جعلت بعد الدنيا وسميت بذلك. قال الله عزوجل « يأخذون عرض هذا الادنى » (٢) يعني الدنيا من الدنو بمعنى القرب ، وقال سبحانه « ولنذيقنهم من العذاب الادنى (٣) » وبالجملة الادنى والدنيا يصرفان على وجوه ، فتارة يعبر به عن الاقل فيقابل بالاكثر والاكبر ، وتارة عن الارذل والاحقر فيقابل بالاعلى والافضل ، وتارة عن الاقرب فيقابل بالاقصى ، وتارة عن الاولى فيقابل بالآخرة وبجميع ذلك ورد التنزيل على بعض الوجوه. وقال الجزري : الدنيا اسم لهذه الحياة لبعد الآخرة عنها.
____________________
(١) علل الشرائع ج ٢ ، ص ١٥٦.
(٢) الاعراف : ١٦٩.
(٣) الرعد : ٢١.