لاهلها ، وفي الخبر فصل ذلك لبيان اختلاف موضع التقديرين. وعن الثانية بنحو مما ذكره البيضاوي بأن لا تكون لفظة « ثم » لترتيب والتراخي في المدة.
ومن غرائب ما سنح لي أني لما كتبت شرح هذا الخبر اضطجعت فرأيت فيما يرى النائم أني أتفكر في هذه الآية ، فخطر ببالي في تلك الحالة أنه يحتمل أن يكون المراد بأربعة أيام تمامها لا تتمتها ، ويكون خلق السماوات أيضا من جملة تقدير أرزاق أهل الارض ، فإنها من جملة الاسباب ، ومحال بعض الاسباب كالملائكة العاملة والالواح المنقوشة والشمس والقمر والنجوم المؤثرة بكيفياتها كالحرارة والبرودة في الثمار والنباتات ، وتكون لفظة « ثم » في قوه تعالى « ثم استوى » للترتيب في الاخبار ، لتفصيل ذلك الاجمال ، بأن يومين من تلك الاربعة كانا مصروفين في خلق السماوات والآخرين في خلق سائر الاسباب ، ولو لا أنه سنح لي في هذه الحال لم أجسر على إثبات هذا الاحتمال ، وإن لم يقصر عما ذكره المفسرون وبه يندفع الاشكالان. وأما رواية العياشي فالظاهر أن فيه تصحيفا وتحريفا ولا يستقيم على وجه.
٣١ ـ تفسير علي بن إبراهيم : قل لهم يا محمد « ءإنكم لتكفرون بالذي خلق في يومين » ومعنى يومين أي وقتين : ابتداء الخلق ، وانقضاؤه « وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها » أي لاتزول وتبقى (١) « في أربعة أيام سواء للسائلين » يعني في أربعة أوقات ، وهي التي يخرج الله فيها أقوات العالم ، من الناس و البهائم والطير وحشرات الارض وما في البر والبحر من الخلق والثمار (٢) والنبات والشجر وما يكون فيه معايش (٣) الحيوان كله ، وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء. ففي الشتاء يرسل الله الرياح والامطار والانداء والطلول من السماء فيلقح الشجر ويسقي الارض والشجر وهو وقت بارد ، ثم يجيئ بعده الربيع وهو
____________________
(١) في المصدر : لا يزول ولا يفنى.
(٢) في المصدر : ومن الثمار.
(٣) في المصدر : معاش.