يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة صلوات الله علهيم أجمعين فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الاشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها (١) « الحديث ».
بيان : « لم يزل متفردا بوحدانيته » أي متفردا بأنه متوحد لا شي ء معه أوالباء للسببية أي متفردا بسبب أنه كان واحدا من جميع الوجوه ، وما كان كذلك فهو واجب بالذات ، فيجوز عليه القدم بخلاف غيره ، فإن القدم ينافي التكثر والامكان الذي هو لازمه « فأشهدهم خلقها » أي كانوا حاضرين عند خلقها عالمين بكيفيته ، و لذا قال تعالى في شأن إبليس وذريته وأتباعه : « ما أشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق أنفسهم » بعد قوله « أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني » إشارة إلى أن المستحق للولاية والمتابعة من كان شاهدا خلق الاشياء ، عالما بحقائقها و كيفياتها وصفاتها والغيوب الكامنة فيها والمستنبطة منها.
٤٤ ـ التوحيد : عن علي بن أحمد الدقاق ، عن محمد بن جعفر الاسدي (٢) عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن أبي سمينة ، عن إسماعيل بن أبان ، عن زيد بن جبير ، عن جابر الجعفي قال : جاء رجل من علماء أهل الشام إلى ابي جعفر عليهالسلام فقال : جئت أسألك عن مسألة لم أجد أحدا يفسرها لي ، وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس ، فقال كل صنف غير ما قال الآخر! فقال أبوجعفر عليهالسلام : وما ذلك؟ فقال : أسألك ما أول ما خلق الله عزوجل من خلقه؟ فإن بعض من سألته قال القدرة ، وقال بعضهم العلم : وقال بعضهم الروح. فقال أبوجعفر عليهالسلام : ما قالوا شيئا ، اخبرك أن الله علاذكره كان ولا شئ غيره عزيزا ولا
____________________
(١) قد مر الحديث عنه مرسلا في تفسير آية « ما أشهدتهم خلق السماوات ... »
(٢) في المصدر : عن محمد بن أبى عبدالله الكوفى. قال النجاشى « ص : ٢٨٩ » محمد ابن جعفر بن محمد بن عون الاسدى أبو الحسين الكوفى ساكن الرى يقال له « محمد بن أبى عبدالله » كان ثقة صحيح الحديث ، إلا أنه روى عن الضعفاء وكان يقول بالجبر والتشبيه إلى أن قال : مات أبوالحسين محمد بن جعفر ليلة الخميس لعشر خلون من جمادى الاولى سنة ٣١٢