الارض وما بينهما دون ما فوقهما ، ولا يلزم من ذلك الخلا لتقدم الماء الذي خلق منه الجميع على الجميع.
الثانى : أن المراد بالايام الاوقات ، كقوله تعالى « ومن يولهم يومئذ دبره » (١).
الثالث : أن المراد : في مقدار ستة أيام ، ومرجع الجميع إلى واحد ، إذ قبل وجود الشمس لا يتصور يوم حقيقة ، فالمراد إما مقدار من الزمان مطلقا ، أو مقدار حركة الشمس هذا القدر ، وعلى التقديرين إما مبني على كون الزمان أمرا موهوما منتزعا من بقائه سبحانه ، أو من أول الاجسام المخلوقة كالماء ، أو من الارواح المخلوقة قبل الاجسام على القول به ، أو من الملائكة كما هو ظاهر الخبر الآتي وإما بالقول بخلق فلك متحرك قبل ذلك بناء على القول بوجود الزمان وأنه مقدار حركة الفلك ، فإن التجدد والتقضي والتصرم الذي هو منشأ تحقق الزمان عندهم في الجميع متصور (٢).
____________________
(١) الانفال : ١٦.
(٢) يقع الكلام في قوله تعالى « خلق الله السماوات والارض في ستة ايام » تارة في معنى السماوات وماهيتها ، واخرى في معنى الايام المذكورة وكيفية تصويرها حين خلق السماوات والارض ، وثالثة في معنى الخلق وكيفية وقوعه في برهة من الزمان.
اما السماوات فالظاهر من الايات الكريمة والروايات الشريفة انها اجسام لطيفة خلقت من مادة سماها القرآن « دخانا » قال تعالى : ثم استوى إلى السماء وهى دخان إلى ان قال فقضيهن سبع سماوات ) لكن قد يستعمل السماء بمعنى الموجود العالى سواء كان علوه حسيا او غير حسى كما ورد في صعود الاعمال إلى السماء ونزول الارزاق منها إلى غير ذلك ، ولعل قوله تعالى « وفتحت السماء فكانت ابوابا » ايضا من هذا القبيل.
ثم الظاهر انه كان قبل خلق السماوات والارض شئ سماه القرآن « ماء » وانه مادة جميع الاجسام ، قال تعالى « خلق السماوات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء » ويؤيد ذلك كله روايات كثيرة ستطلع عليها من قريب. والظاهر ان اصل السماء خلق قبل الارض لكن فتقها وتسويتها سبعا وقع بعده ، قال تعالى « خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات » كما ان الظاهر ان دحو الارض كان بعد تسوية السماوات ، قال تعالى « والارض بعد ذلك دحيها » وايضا الظاهر ان الكواكب كلها ولا اقل من المرئية منها تحت