الهواء ثم خلق القلم فأمره أن يجري ، فقال : يا رب بما أجري؟ فقال : بما هو كائن ، ثم خلق الظلمة من الهواء ، وخلق النور من الهواء ، وخلق الماء من الهواء وخلق العرش من الهواء ، وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد وخلق النار من الهواء ، وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء ، فسلط العقيم على الماء فضربته فأكثرت الموج والزبد وجعل يثور دخانه في الهواء ، فلما بلغ الوقت الذي أراد قال للزبد : اجمد فجمد ، فقال للموج : اجمد فجمد ، فجعل الزبد أرضا وجعل الموج جبالا رواسي للارض فلما أجمدهما قال للروح والقدرة : سويا عرشي على السماء ، فوسيا عرشه على السماء (١) ، وقال للدخان : اجمد ، فجمد ، ثم قال له : ازفر ، فزفر ، فناداها والارض جميعا : ائتيا طوعا أو كرها ، قالتا أتينا طائعين فقضيهن سبع سماوات في يومين ، ومن الارض مثلهن ، فلما أخذ في رزق خلقه خلق السماء وجناتها والملائكة يوم الخميس ، وخلق الارض يوم الاحد ، وخلق دواب البر والبحر يوم الاثنين ، وهما اليومان اللذات يقول الله عزوجل « أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين » وخلق الشجر ونبات الارض وأنهارها وما فيها والهوام في يوم الثلثاء ، وخلق الجان وهو أبوالجن يوم السبت ، وخلق الطير في يوم الاربعاء ، وخلق آدم في ست ساعات من يوم الجمعة ، ففي هذه الستة أيام (٢) خلق الله السماوات والارض وما بينهما (٣).
بيان : « يوم السبت » ليس في بعض النسخ ، وهو أظهر ، وعلى تقديره وإن كان خلاف المشهور يمكن أن لا يكون الجمعة محسوبا في الستة ، لتأخره عن خلق العالم ، أو لم يحسب خلق الجان من خلق العالم بأن المراد بالعالم ما يشاهد ويرى ويكون ذكر الملائكة استطرادا لشرفهم ، أو يكون بناء الحساب على التلفيق بأن يكون ابتداء الخلق من ظهر يوم السبت وانتهاؤه عند ظهر يوم الجمعة ، فيكون ستة
____________________
(١) في بعض النسخ « على الماء » في الموضعين ، وهو الاظهر.
(٢) في بعض النسخ : الستة الايام.
(٣) تفسير على بن إبراهيم : ص ٢٩٧.