وسموا كتبهم أساطير الاولين (١) ، ووضعوا لانفسهم دينا برأيهم (٢) واستحسانهم.
إن الاشياء تدل على حدوثها من دوران الفلك بما فيه وهي سبعة أفلاك وتحرك الارض ومن عليها ، وانقلاب الازمنة واختلاف الوقت ، والحوادث التي تحدث في العالم من زيادة ونقصان وموت وبلاء (٣) واضطرار النفس إلى القرار (٤) بأن لها صانعا ومدبرا. أما ترى الحلويصير حامضا ، والعذب مرا ، والجديد باليا ، وكل إلى تغير وفناء؟ وساق الحديث إلى أن قال : قال الزنديق : ومن زعم أن الله لم يزل ومعه طينة مؤية فلم يستطع التفصي منها إلا بامتزاجه بها و دخوله فيها ، فمن تلك الطينة خلق الاشياء! قال عليهالسلام : سبحان الله! ما أعجز إلها يوصف بالقدرة لا يسستطيع التفصي من الطينة! إن كانت الطينة حية أزلية فكانا إلهين قديمين فامتزجا ودبرا العالم من أنفسهما ، فإن كان ذلك كان فمن أين جاء الموت والفناء؟ وإن كانت الطينة ميتة فلا بقاء للميت مع الازلي القديم والميت لا يجيئ (٥) منه حي ، هذه مقالة الديصانية أشد الزنادقة قولا.
ثم قال عليهالسلام في مواضع من هذا الخبر ، لو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال ، وإن الازلي لا تيغره الايام ، ولا يأتي عليه الفناء (٦).
بيان : « والقديم لا يكون حديثا » أي ما يكون وجوده أزليا لا يكون محدثا معلولا فيكون الوجب الوجود بذاته ، فلا يعتريه التغير والفناء. وقد نسب إلى بعض الحكماء أنه قال : المبدع الاول هو مبدع الصور فقط دون الهيولى ، فإنها
____________________
(١) ليس في المصدر لفظة « الاولين ».
(٢) في المصدر : بآرائهم.
(٣) في المصدر : وبلى.
(٤) في بعض النسخ « إلى الاقرار » وعليه فقوله « واضطرار النفس » معطوف على قوله « حدوثها » اى الاشياء تدل على اضطرار النفس إلى الاقرار بان لها صانعا.
(٥) في بعض النسخ : لا يحيى.
(٦) الاحتجاج : ١٨٤ ، ١٨٨.