والارض يومئذ خالية ليس فيها أحد قال للملائكة : إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال : إني أعلم ما لا تعلمون. فبعث الله جبرئيل عليهالسلام فأخذ من أديم الارض قبضة فعجنه بالماء العذب والمالح (١) وركب فيه الطبائع قبل أن ينفسخ فيه الروح ، فخلقه من أديم الارض فلذلك سمي « آدم » لانه لما عجن بالماء استأدم فطرحه في الجبل كالجبل العظيم ، وكان إبليس يومئذ خازنا على السماء الخامسة يدخل في منخر آدم ثم يخرج من دبره ، ثم يضرب بيده على بطنه فيقول : لاى أمر خلقت؟ لئن جعلت فوقي لا أطعتك ، وإن جعلت أسفل مني لا اعينك! فمكث في الجنة ألف سنة ما بين خلقه إلى أن ينفخ فيه الروح فخلقه من ماء وطين ، نور وظلمة ، وريح ونور من نور الله ، فأما النور فيورثه الايمان ، وأما الظلمة فيورثه الكفر والضلالة وأما الطين فيورثه الرعدة والضعف والاقشعرار (٢) عند إصابة الماء ، فينعت (٣) به على أربع الطبائع : على الدم ، والبلغم ، والمرار ، والريح. فذلك قوله تبارك وتعالى « أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يكن شيئا ».
قال : فقال كعب : يا عمر! بالله أتعلم كعلم أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب؟ فقال : لا فقال كعب : علي بن أبي طالب عليهالسلام وصى الانبياء ، ومحمد خاتم الانبياء عليهمالسلام ، وعلي خاتم الاوصياء ، وليس على الارض اليوم منفوسة إلا [ و ] علي بن أبي طالب أعلم منه ، والله ما ذكر من خلق الانس والجن والسماء والارض والملائكة شيئا إلا وقد قرأته في التوراة كما قرأ! قال : فمارئي عمر غضب قط مثل غضبه ذلك اليوم (٤).
بيان : الخرص : الكذب والقول بالظن ، والتخرص : الافتراء. « بعض
____________________
(١) في المصدر : والماء المالح.
(٢) في المصدر : القشعريرة
(٣) في المصدر : فينبعث.
(٤) تفسير فرات : ٦٥.