الرحمن؟
قال : «لا ولكنّي أدعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم».
ثمّ افتتح (حم السجدة) فلما بلغ إلى قوله : (فَاِن اَعرَضُوا فَقُل اَنذَرتُكُم صاعِقَةً مِثلَ عادٍ وَثَمُودَ)(١) وسمعه اقشعرّ جلده وقامت كلّ شعرة في رأسه ولحيته ، ثمّ قام ومضى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش ، فقالت قريش : يا ابا الحكم صبا ابو عبد شمس إلى دين محمّد ، أما تراه لم يرجع إلينا وقد قبل قوله ومضى إلى منزله ، فاغتمّت قريش من ذلك غمّاً شديداً وغدا عليه أبو جهل فقال : يا عمّ نكست برؤوسنا وفضحتنا.
قال : وما ذلك يابن أخي؟
قال : صبوت إلى دين محمّد.
قال : ماصبوت وإنّي على دين قومي وآبائي ولكنّي سمعت كلاماً صعباً تقشعرّ منه الجلود.
قال أبو جهل : أشعر هو؟
قال : ما هو بشعر.
قال : فخطب هي؟
قال : لا إنّ الخطب كلام متّصل وهذا كلام منثور ، لا يشبه بعضه بعضاً ، له طلاوة(٢).
قال : فكهانة هو؟! فكأنّه هي.
قال : لا.
قال : فما هو؟
قال : دعني اُفكّر فيه.
__________________
(١) فصلت ٤١ : ١٣.
(٢) الطلاوة : الرونق والحسن. «النهاية ٣ : ١٣٧».