(الفصل الرابع)
في ذكر الهجرة إلى الحبشة
وتصديق النجاشي له ومن تبعه عليه السلام
لمّا اشتدّت قريش في أذى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرجوا إلى الحبشة ، وأمر جعفر أن يخرج بهم ، فخرج جعفر وخرج معه سبعون رجلاً حتّى ركبوا البحر ، فلمّا بلغ قريشاً خروجهم بعثوا عمرو بن العاص السهميّ وعمارة بن الوليد إلى النجاشي أن يردهم إليهم ، وأن يعلماه أنّهم مخالفون لهم ، فخرج عمارة وكان شابّاً حسن الوجه مترفاً ، وأخرج عمرو بن العاص أهله ، فلمّا ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لاَهلك تقبّلني.
فقال : سبحان الله أيجوز هذا؟! فتركه حتّى انتشى ، وكان على صدر السفينة فدفعه عمارة وألقاه في البحر ، فتشبّث عمرو بصدر السفينة وأدركوه فأخرجوه ، فلمّا أن رأى عمرو ما فعل به عمارة قال لاَهله : قبّليه!!
فوردوا على النجاشي فدخلوا عليه ـ وقد كانوا حملوا إليه هدايا ـ فقال عمرو : أيّها الملك إنّ قوماً منّا خالفونا في ديننا وصاروا إليك فردّهم إلينا.
فبعث النجاشي إلى جعفر فأحضره فقال : يا جعفر إنّ هؤلاء يسألونني أن أردّكم إليهم.
فقال : أيّها الملك سلهم أنحن عبيد لهم؟
قال عمرو : لا ، بل أحرارٌ كرامٌ.
قال : فسلهم ألهم علينا ديونٌ يطالبوننا بها؟
قال : لا ، ما لنا عليهم ديونٌ.