عبد المطّلب بن عبد مناف ، وقال : هذا ظلمٌ.
وختموا الصحيفة بأربعين خاتماً ختمه كلّ رجل من رؤساء قريش بخاتمه وعلّقوها في الكعبة ، وتابعهم أبو لهب على ذلك.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج في كلّ موسم فيدور على قبائل العرب فيقول لهم : «تمنعون لي جانبي حتّى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة» وأبو لهب في أثره فيقول : لا تقبلوا منه فإنّه ابن أخي وهو كذاب ساحر. فلم تزل هذه حاله فبقوا في الشعب أربع سنين لا يأمنون إلاّ من موسم إلى موسم ، ولا يشترون ولا يبايعون إلاّ في الموسم ، وكان يقوم بمكّة موسمان في كلّ سنة : موسم للعمرة في رجب ، وموسم للحجّ في ذي الحجّة ، وكان إذا اجتمعت المواسم تخرج بنو هاشم من الشعب فيشترون ويبيعون ثمّ لا يجسر أحدٌ منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني ، فأصابهم الجهد وجاعوا ، وبعثت قريش إلى أبي طالب : ادفع إلينا محمّداً حتى نقتله ونملّكك علينا ، فقال : أبو طالب قصيدته الطولية اللامية التي يقول فيها :
فـلـمـّا رأيـت القوم لا ودّ فيهم |
|
وقد قطـعـوا كلّ الـعرى والوسائل |
ألـم تـعلـموا أنّ ابـنـنا لا مكذّب |
|
لديـنـا ولا يعنى بقول الأباطل |
وأبـيض يـُـسـتسقى الغمام بوجهه |
|
فهم عـنـده في نعمة وفواضل |
يـطـوف بـه الـهلاّك من آل هاشم |
|
حواست جمع كن |
كَذبتُم ـ وبيت الله ـ يُبزى(١) محمّداً |
|
ولـمـّـا نـُطاعن دونــهُ ونُقاتِل |
__________________
(١) قال ابن الأثيير في النهاية (١ : ١٢٥) : بزا : في قصيدة أبي طالب يعاتب قريشاً في أمر النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ... ويبزى ، أي يقهر ويغلب ، أراد لا يُبزى ، فحذف لا من جواب القسم ، وهي مرادة ، أي لا يُقهر ولم نقاتل عنه ونُدافع.