ليسلم ابن أخيه.
فدنا منهم وسلّم عليهم فقاموا إليه وعظّموه وقالوا : يا أبا طالب قد علمنا أنّك أردت مواصلتنا والرجوع إلى جماعتنا وأن تسلم ابن أخيك إلينا.
قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني ـ ولم يكذبني ـ أنّ الله أخبره أنّه بعث على صحيفتكم القاطعة دابّة الأرض فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم وظلم وجور وتركت اسم الله ، فابعثوا إلى صحيفتكم فإن كان حقّاً فاتّقوا الله وارجعوا عمّا أنتم عليه من الظلم والجور وقطعية الرحم ، وإن كان باطلاً دفعته إليكم فإن شئتم قتلتموه وإن شئتم استحييتموه.
فبعثوا إلى الصحيفة فأنزلوها من الكعبة ـ وعليها أربعون خاتماً ـ فلمّا أتوا بها نظر كلّ رجل منهم إلى خاتمه ثمّ فكّوها فإذا ليس فيها حرفٌ واحد إلاّ : باسمك اللّهم.
فقال لهم أبو طالب : ياقوم اتّقوا الله وكفّوا عمّا أنتم عليه. فتفرّق القوم ولم يتكلّم أحدٌ.
ورجع أبو طالب إلى الشعب وقال في ذلك قصيدته البائيّة التي أوّلها :
ألا مـن لـهم آخـر اللـيل منصب |
|
وشـعب الـعصـا من قومك المتشعّب |
وفيها :
وقد كان في أمر الصحيفة عـبرة |
|
متى ما يخبّر غـائب القوم يعجب |
مـحـا الله مـنـها كفرهم وعقوقهم |
|
وما نقموا من ناطق الحقّ معرب |
وأصبح ما قالوا من الامر باطلاً |
|
ومن يختلق ما ليـس بالحقّ يكذب |
وأمسـى ابـن عـبدالله فينا مصدّقاً |
|
على سخط من قومنا غير معتـب |
فـلا تحـسـبونـا مسلـمـين محمّداً |
|
لذي عـزّة مـنـّـا ولا مـتعـزّب |
سـتـمـنـعــه منّا يد هـاشميـّة |
|
مُـركـّبهـا في النـاس خير مركّب |
وقال عند ذلك نفرٌ من بني عبد مناف ، وبني قصي ، ورجال من