وأقامهم عند رأس الشعب ، وكانت الهزيمة على المشركين ، وحسّهم المسلمون بالسيوف حسّاً (١).
فقال أصحاب عبدالله بن جبير : الغنيمة ، ظهر أصحابكم فماتنتظرون؟ فقال عبدالله : أنسيتم قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أمّا أنا فلا أبرح موقفي الذي عهد إليّ فيه رسول الله ما عهد.
فتركوه أمره وعصوه بعد ما رأوا ما يحبّون ، وأقبلوا على الغنائم ، فخرج كمين المشركين وعليهم خالد بن الوليد ، فانتهى إلى عبدالله بن جبير فقتله ، ثمّ أتى الناس من أدبارهم ووضُع في المسلمين السلاح ، فانهزموا ، وصاح إبليس ـ لعنه الله ـ : قُتل محمّد ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوهم في اُخراهم : «أيها الناس اني رسول الله وإنّ الله قد وعدني النصر فإلى أين الفرار؟» فيسمعون الصوت ولا يلوون على شيء.
وذهبت صيحة إبليس حتّى دخلت بيوت المدينة ، فصاحت فاطمة عليهاالسلام ، ولم تبق هاشميّة ولا قرشيّة إلاّ وضعت يدها على رأسها ، وخرجت فاطمة عليهاالسلام تصرخ (٢).
قال الصادق عليهالسلام : «انهزم الناس عن رسول الله فغضب غضباً شديداً ، وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبتهه مثل اللؤلؤ من العرق ، فنظر فإذا عليّ عليهالسلام إلى جنبه ، فقال : مالك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال عليّ : يا رسول الله أكفر بعد ايمان! إنّ لي بك اُسوة ، فقال : أمّا لا فاكفني هؤلاء.
فحمل عليّ عليهالسلام فضرب أوّل من لقي منهم ، فقال : جبرئيل :
__________________
(١) حساً : أي استأصلوهم قتلاً. «انظر : الصحاح ـ حسس ـ ٣ : ٩١٧».
(٢) انظر : المغازي للواقدي ١ : ٢٢٩ و ٢٧٧ ، وتاريخ الطبري ٢ : ٥٠٤ ـ ٥١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٠ : ٩٣ | ٢٨.