فقال : «أمّا الأولى فإنّ الله تعالى فتح عليَّ بها اليمن ، وأمّا الثانية فإنّ الله تعالى فتح عليَّ بها الشام والمغرب ، وأمّا الثالثة فإنّ الله فتح عليّ بها المشرق» (١)
وأقبلت الأحزاب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهال المسلمين أمرهم ، فنزلوا ناحية من الخندق ، وأقاموا بمكانهم بضعاً وعشرين ليلة ، لم يكن بينهم حرب إلاّ الرمي بالنبل والحصى.
ثمّ انتدب فوارس قريش للبراز ، منهم عمرو بن عبد ودّ ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب ، وضرار بن الخطّاب ، تهيؤوا للقتال ، وأقبلوا على خيولهم حتّى وقفوا على الخندق ، فلمّا تأمّلوه قالوا : والله إنّ هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثمّ تيمّموا مكاناً من الخندق فيه ضيق فضربوا خيولهم فاقتحمته ، فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسَلع (٢) وخرج عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في نفر معه حتّى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها ، فتقدّم عمرو بن عبد ودّ وطلب البراز ، فبرز إليه عليّ عليهالسلام فقتله ـ وسنذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله ـ فلمّا رأى عكرمة وهبيرة عمراً صريعاً ولّوا منهزمين ، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عليهالسلام في أبيات شعر :
«نصر الحجارةَ من سفاهةِ رأيه |
|
ونصرتُ ربَّ محمّدٍ بصوابي |
فـــضربـتُهُ وتركتُهُ متجدّلاً |
|
كالجـذعِ بين دكادكٍ وروابي |
وعــففتُ عن أثوابهِ ولو أنّني |
|
كنتُ المقطّر بزّني أثوابــي |
_________________
(١)سيرة ابن هشام ٣ : ٢٣٠ ، دلائل النبوة للبيهقي ٣ : ٤١٧ ، وورد نحوه في : تفسيرالقمي ٢ : ١٧٨ ، والمغازي للواقدي ٢ : ٤٥٠ ، والكامل في التاريخ ٢ : ١٧٩.
(٢) سلع : جبل بسوق المدينة ، وقيل : هو موضع بقرب المدينة «انظر : معجم البلدان ٣ : ٢٣٦».