فلمّا سمعها من سعد خلّى العباس وسعى إلى رسول الله وزاحم حتّى مرّ تحت الرماح فأخذ غرزه (١) فقبّلها ، ثمّ قال : بأبي أنت واُمّي أما تسمع ما يقول سعد؟ وذكر ذلك القول ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليس ممّا قال سعد شيء» ثمّ قال لعليّ عليهالسلام : «أدرك سعداً فخذ الراية منه وأدخلها إدخالاً رفيقاً» ، فأخذها علي وأدخلها كما أمر.
قال : وأسلم يومئذ حكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء ، وجبير بن مطعم.
وأقبل أبو سفيان حتّى دخل مكّة وقد سطع الغبار من فوق الجبال وقريش لا تعلم ، وأقبل أبو سفيان من أسفل الوادي يركض فاستقبلته قريش وقالوا : ما وراءك وما هذا الغبار؟ قال : محمّد في خلق ، ثمّ صاح : ياآل غالب البيوت البيوت ، من دخّل داري فهو آمن ، فعرفت هند فأخذت تطردهم ، ثمّ قالت : اقتلوا الشيخ الخبيث ، لعنه الله من وافد قوم وطليعة قوم.
قال : ويلك إنّي رأيت ذات القرون ، ورأيت فارس أبناء الكرام ، ورأيت ملوك كندة وفتيان حمير يسلمن آخر النهار ، ويلك اسكتي فقد والله جاء الحقّ ودنت البليّة»(٢)
فصل :
وكان قد عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكّة إلاّ من قاتلهم ، سوى نفر كانوا يؤذون النبي صلوات الله عليه وآله ، منهم : مقيس بن صبابة ، وعبدالله بن سعد بن أبي
__________________
(١) الغرر : ركاب الرحل. «لسان العرب ٥ : ٣٨٦».
(٢) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٢١ : ١٢٧.