فانصرف عنهم بمن معه ، فنزلوا قريباً ثمّ شنّ عليهم الخيل ، فقتل وأسر منهم رجالاً ، ثمّ قال : ليقتل كلّ رجل منكم أسيره ، فقتلوا الأسرى ، وجاء رسولهم إلى رسول الله فأخبره بما فعل خالدٌ بهم ، فرفع عليهالسلام يده إلى السماء وقال : «اللهم إنّي أبرأ إليك ممّا فعل خالد» وبكى ثمّ دعا عليّاً عليهالسلام فقال : «اُخرج إليهم وانظر في أمرهم» وأعطاه سفطاً من ذهب ، ففعل ما أمره وأرضاهم (١)
ثمّ كانت غزوة حنين ، وذلك أنّ هوازن جمعت له جمعاً كثيراً ، فذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ صفوان بن اُميّة عنده مائة درع فسأله ذلك ، فقال : أغصباً يا محمّد؟ قال : «لا ، ولكن عارية مضمونة» قال : لا بأس بهذا. فأعطاه.
فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ألفين ـ من مكّة ـ وعشرة آلاف كانوا معه ، فقال أحد أصحابه : لن نُغلب اليوم من قلّة. فشقّ ذلك على رسول الله فأنزل الله سبحانه (وَيَومَ حُنَينٍ إذ اَعجَبَتكُم) الآية (٢).
وأقبل مالك بن عوف النصريّ فيمن معه من قبائل قيس وثقيف ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عبدالله بن أبي حدرد عيناً فسمع ابن عوف يقول : يا معشر هوازن إنّكم أحدٌ العرب وأعدّها ، وإنّ هذا الرجل لم يلق قوماً يصدوقونه القتال ، فإذا لقيتموه فاكسروا جفون سيوفكم واحملوا عليه حملة رجل واحد. فأتى ابن أبي حدرد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره فقال عمر : ألا تسمع يا رسول الله ما يقول ابن أبي حدرد؟ فقال : «قد
__________________
(١) انظر : امالي الصدوق : ١٤٦ | ٧ ، وارشاد المفيد ١ : ١٣٩ ، صحيح البخاري ٥ : ٢٠٣ كتاب المغازي ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٦١ ، وسيرة ابن هشام ٤ : ٧٠ ، ودلائل النبوة للبيهقي ٥ : ١١٤ ، والكامل في التاريخ ٢ : ٢٥٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢١ : ١٤٠ | ٢.
(٢) التوبة ٩ : ٢٥.