دالّ على إمامته. وإذا ثبتت هذه الجملة القريبة - التي لا تحتاج فيها إلى تدقيق كثير- سبرنا أحوال الاُمّة بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدناهم اختلفوا في الإمام بعده على أقوال ثلاثة :
فقالت الشيعة : الإمام بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم أميرالمؤمنين عليهالسلام ، بالنصّ على إمامته.
وقالت العبّاسيّة : الإمام بعده العبّاس ، بالنصّ أو الميراث.
وقال الباقون من الاُمّة : الإمام بعده أبو بكر.
وكلّ من قال بإمامة أبي بكر والعبّاس أجمعوا على أنّهما لم يكونا مقطوعاً على عصمتهما ، فخرجا بذلك من الإمامة لما قدّمناه ، ووجب أن يكون الإمام بعده أمير المؤمنين علي عليهالسلام بالنصّ الحاصل من جهة الله تعالى عليه والإشارة إليه ، وإلاّ كان الحقّ خارجاً عن أقوال جميع الاُمّة وذلك غير جائز بالاتّفاق بيننا وبين مخالفينا ، فهذا هو الدليل العقلي على كونه منصوصاً عليه صلوات الله عليه.
وأما الأدلّة السمعيّة على ذلك فقد استوفاها أصحابنا ـ رضي الله عنهم ـ قديماً وحديثاً في كتبهم ، لا سيّما ما ذكره سيّدنا الأجلّ المرتضى علم الهدى ذو المجدين قدّس الله روحه في كتاب الشافي في الإمامة ، فقد استولى على الأمد ، وغار في ذلك وأنجد ، وصوّب وصعّد ، وبلغ غاية الاستيفاء والاسقصاء ، وأجاب على شُبَه المخالفين التي عوّلوا على اعتمادها واجتهدوا في إيرادها ، أحسن اللهّ عن الدين وكافّة المؤمنين جزاءه ، ونحن نذكر الكلام في ذلك على سبيل الاختصار والإجمال دون البسط والإكمال.
فنقول : إنّ الذي يدل على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّ على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام بالإمامة بعده بلا فصل ،