وقد علمنا أنّ هذه الصفة لم تثبت لغير أمير المؤمنين عليهالسلام ، فإذا ثبت توجّه الآية إلى بعض المؤمنين دون جميعهم ، ونفى سبحانه ما أثبته عمّن عدا المذكور بلفظة (إنّما) لأنها محققة لما ذكرنا فيه لما لم يذكره ـ يبينه قولهم : إنّما الفصاحة في الشعر للجاهلية ، يريدون نفي الفصاحة عن غيرهم ، وإنّما النحاة المدققون البصريّون يريدون نفي التدقيق عن غيرهم ، وإنّما اكلت رغيفاً يريدون نفي أكل أكثر من رغيف - فيجب أن يكون المراد بلفظة ( وليّ ) في الآية ما يرجع إلى معنى الإمامة والاختصاص بالتدبير ، لأنما تحمله هذه اللفظة من الموالاة في الدين والمحبّة لا تخصص في ذلك ، والمؤمنون كلهم مشتركون في معناه ، فقد قال الله سبحانه : (والمؤمنونَ وَالمؤمِناتُ بَعضُهم أَولِياءُ بَعضٍ ) (١) فإذا ثبت ذلك فالذي يدلّ على توجه لفظة ( الذين امنوا ) إلى أمير المؤمنين عليهالسلام أشياء :
منها : قد ورد الخبر في ذلك بنقل طائفتين مختلفتين ومن طريق العامّة والخاصة نزول الأية في أمير المؤمنين عند تصدقه بخاتمه في حال ركوعه ، والقصة في ذلك مشهورة (٢).
ومنها : أن الاُمة قد اجمعت على توجهها إليه عليهالسلام ، لأنها بين قائلين : قائل يقول : ان المراد بها جميع المؤمنين الذين هو أحدهم ، وقائل يقول : إنه المختص بها.
ومنها : أن كلّ من ذهب إلى أن المراد بالأية ما ذكرناه من معنى الإمامة
____________
(١) التوبة ٩ : ٧١.
(٢) انظر : تفسير فرات : ٤٠ أمالي الصدوق : ١٠٧ | ٤ ، تفسير التبيان للطوسي ٣ : ٥٥٩ ، الاحتجاج للطبرسي : ٤٥٠ ، تفسير الطبري ٦ : ١٨٦ ، أسباب النزول للواحدي : ١٤٨ ، مناقب ابن المغازلي : ٣١٢/ ٣٥٦ و ٣١٣ / ٣٥٧ ، مناقب الخوارزمي : ١٨٦ ، تذكرة الخواص : ٢٤ ، تفسير الرازي١٢ : ٢٦ ، كفاية الطالب : ٢٥٠ ، الفصول المهمة : ١٢٤.