بإنجازهم ، ولا يُجاز الصراط إلاّ بجوازهم ، فهم النمرقة (١) الوسطى ، من تقدّمهم مرق ، ومن تأخّر عنهم زهق ، ومن لزمهم لحق ، وهم كباب حطّة ، ومثل سفينة نوح من ركبها نجى ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى. وهم خاصّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وصفوة عترته الذين قرن الله معرفتهم بمعرفته ، وجعل محبّتهم في الوجوب كمحبّته. وهم دعائم الاِسلام ، وأئمّة الاَنام ، وحجج المهيمن السلام ، سرج في كلّ ظلام ، ودرج إلى كلّ مرام. عليهم أفضل الصلاة والسلام مالاح برق واسستهلّ غمام ، وتوسّمت الرياض بفرادى نباتها والتوأم.
وبعد :
فإنّ أشرف الكلام عند الخاصّ والعامّ ما وجّه إلى أشرف من حاز الله له رواء الملك إلى بهاء العلم ، وسناء الحلم ، وإمضاء الحكم ، لا زال مبرّاً على ملوك الاَرض وولاة النهي والاَمر بما آتاه من علوّ الشأن وجلالة القدر ، وميّزه بجلائل من المجد (ودقائق من الشرف المعد ، وخواص من العدل ، وعوام من الفواضل والفضل)(٢) ، لا يندرج أدناها تحت القدرة والاِمكان ، ولا ينال أقصاها بالعبارة والبيان ، وهذه صفة الاصفهبذ (٣) الاَجلّ (الاَعظم ، الملك المؤيد العادل)(٤) شرف الدينا والدين ، ظهير الاِسلام والمسلمين ، (تاج الملوك والسلاطين ، عضد الجيوش في العالمين ، قاهر الكفرة والمشركين ، قامع العتاة والمتمردين ، علاء الدولة ، وبهاء الملة ، مجد
__________________
(١) النمرقة (بضم النون والراء وبكسرهما) : الوسادة ، وجمعها نمارق. «النهاية ٥ : ١١٨».
(٢) في نسخة «م» : والجلال وفواضل القدر من الفضل والافضال.
(٣) قال المسعودي في الاَشراف والتنبيه (٩١) : الاصفهبذ : وهو أمير الجيوش ، وتفسيره حافظ الجيش ، لاَن الجيش «اصبه» و«بذ» حافظ.
(٤) في نسخة «م» : الملك العادل المؤيد المنصور.