المجلس حتّى لا يتمكن من الوصول إلى قربه ، فقال له زيد : إنّه ليس من عباد الئه أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ، ولا من عباده أحد دون أن يوصي بتقوى الله وأنا اُوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتّقه.
فقال له هشام : أنت المؤهل نفسك للخلافة ، وما أنت وذاك لا أمَّ لك ، وإنّما أنت ابن أمة.
فقال له زيد : إني لا أعلم أحداً أعظم منزلة عند الله من نبيّ بعثه وهو ابن أمة ، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يُبعث ، وهو إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ، فالنبوّة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة؟ وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ابن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام؟
فوثب هشام عن مجلسه ودعا قهرمانه وقال : لا يبيتنّ هذا في عسكري.
فخرج زيد وهو يقول : إنّه لم يكره قوم قطّ حرّ السيوف إلاّ ذلّوا (١).
وذكر ابن قتيبة بإسناده في كتاب عيون الأخبار : أنّ هشاماً قال لزيد بن عليّ لمّا دخل عليه : ما فعل أخوك البقرة.
فقال زيد : سمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باقر العلم وأنت تسمّيه بقرة لقد اختلفتما إذاً (٢).
قال (٣) : فلمّا وصل الكوفة اجتمع إليه أهلها ، فلم يزالوا به حتّى بايعوه
__________________
(١) ارشاد المفيد ٢ : ١٧٢ ، وانظر : عيون الاخبار لابن قتيبة ١ : ٣١٢.
(٢) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣١٢.
(٣) يظهر ان القائل هو الشيخ المفيد رحمهالله تعالى ، لان المؤلف أورد عين العبارات الواردة في الارشاد هنا كما فعل في المقطع السابق لرواية ابن قتيبة المشار إليها والمنتهية عند
الهامش السابق.