لأبي عبدالله على طرف جبل في طرف الحرم وذلك قبل الحجّ بأيّام ـ أخرج أبو عبدالله رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخبّ (١) فقال : «هشام وربّ الكعبة».
قال : فظنّنا أنّ هشاماً رجلٌ من ولد عقيل كان شديد المحبّة لأبي عبدالله عليهالسلام ، فإذا هو هشام بن الحكم قد ورد ـ وهو أوّل ما اختطّت لحيته وليس فينا إلاّ من هو أكبر سنّاً منه ـ فوسّع له أبو عبدالله عليهالسلام وقال : «هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده » ثمّ قال لحمران : «كلّم الرجل » ـ يعني الشامي ـ فكلّمه حمران فظهر عليه.
ثمّ قال : « يا طاقي ، كلمه » فكلمه فظهرعليه محمد بن النعمان.
ثمّ قال : «يا هشام بن سالم كلّمه » فتعارفا.
ثمّ قال لقيس الماصر : لأكلّمه » فكلّمه.
وأقبل أبو عبدالله عليهالسلام يتبسّم من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ، ثمّ قال للشامي : «كلّم هذا الغلام» يعني هشام بن الحكم.
فقال : نعم.
ثمّ قال الشامي لهشام : يا غلام ، سلني في إمامة هذا ـ يعني أبا عبدالله عليهالسلام ـ فغضب هشام حتّى ارتعد ، ثم قال له : خبرني يا هذا أربّك أنظر لخلقه أم هم لأنفسهم؟
قال : بل ربّي أنظر لخلقه.
قال : ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا؟
قال الشامي : كلّفهم وأقام لهم حجّة ودليلاً على ما كلّفهم ، وأزاح في ذلك عللهم.
__________________
(١) الخبب : ضرب من العدو. «الصحاح ـ خبب ـ ١ : ١١٧ ».