غفرانه ، منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال ، خلقه قبل دحو الأرض بألفي عام ، وأحقّ من اُطيع ـ فيما أمر وانتهى عمّا زجر ـ الله المنشئ للأرواح والصور».
فقال له ابن أبي العوجاء : ذكرت يا أبا عبدالله فأحلت على غائب.
فقال الصادق عليهالسلام : «كيف يكون غائباً ـ يا ويلك ـ من هو معلقه شاهد ، وإليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم ويعلم أسرارهم ، لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ، ولا يكون إلى مكان أقرب منه من مكان ، تشهد له بذلك اثاره وتدلّ عليه أفعاله !! والذي بعثه بالايات المحكمة والبراهين الواضحة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءنا بهذه العبادة ، فأن شككت في شيء من أمره فاسأل عنه أوضحه لك ».
قال : فأبلس ابن أبي العوجاء فلم يدرما يقول ، فانصرف من بين يديه وقال لأصحابه : سألتكم أن تلتمسوا لي جمرة فألقيتموني على جمرة.
قالوا له : اُسكت ، فوالله لقد فضحتنا بحيرتك وانقطاعك ، وما رأينا أحقر منك اليوم في مجلسه.
فقال : إليّ تقولون هذا ! إنّه ابن من حلق رؤوس مَن تَرون ، وأشار بيده إلى أهل الموسم (١).
ومن ذلك : ما روي : أنّ أبا شاكر الديصاني وقف ذات يوم في مجلسه عليهالسلام فقال له : إنّك لأحد النجوم الزواهر ، كان آباؤك بدوراً بواهر واُمّهاتك عقيلات عباهر(٢) ، وعنصرك من أكرم العناصر ، وإذا ذكر العلماء
__________________
(١) الكافي ١ : ٩٨ |٣ و ٤ : ١٩٧ | ١ ، ارشاد المفيد ٢ : ١٩٩ ، التوحيد : ٢٥٣ | ٤ ، كشف الغمة ٢ : ١٧٥ ، ووردت قطعة منه في : أمالي الصدوق : ٤٩٣ | ٤ ، علل الشرائع : ٤٠٣ | ٤ ، ا لاحتجاج ٣ : ٣٣٥.
(٢) العبهرة : التي جمعت الحُسن والجسم والخلُق «لسان العرب ٤ : ٥٣٦».