فمضى معه ودقّ الباب على أبي جهل فعرفه فخرج منخوب(١) العقل فقال : أهلاً بأبي القاسم.
فقال له : «اعط هذا حقّه».
قال : نعم ، وأعطاه من فوره.
فقيل له في ذلك ، فقال : إنّي رأيت ما لم تروا ، رأيت والله على رأسه تنّيناً فاتحاً فاه ، والله لو أبيت لا لتقمني (٢).
ومنها : ما روته أسماء بنت أبي بكر قالت : لمّا نزلت (تَبّت يَدا أبي لَهَبٍ) أقبلت العوراء اُمّ جميل بنت حرب ولها ولولة وهي تقول : مذمّماً أبينا ، ودينه قلينا ، وأمره عصينا. والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلمّا رآها أبو بكر قال : يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك.
فقال رسول الله : «انها لا تراني» وقرأ قرآناً فاعتصم به كما قال ، وقرأ (وإذا قَرأتَ القُرآنَ جَعَلنا بَينكَ وَبَين الذينَ لا يُؤمنونَ بالآخِرَةِ حِجاباً مَستوراً)(٣) فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالت : يا أبا بكر اُخبرت أنّ صاحبك هجاني ، فقال : لا وربّ البيت ما هجاك ، فولّت وهي تقول : قريش تعلم أنّي بنت سيّدها (٤).
ومنها : ما رواه الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس : أنّ ناساً من
__________________
(١) المنخوب : الجبان الذي لا فؤئد له «الصحاح ـ نخب ـ ١ : ٢٢٣».
(٢) انظر : الخرائج والجرائح ١ : ٢٤ | ٢ ، ومناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٣٠ ، وسيرة ابن هشام ٢ : ٢٩ ، ودلائل النبوة للبيهقي ٢ : ١٩٣ ، والبداية والنهاية ٣ : ٤٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٨ : ٧٤ | ٣٠.
(٣) الاسراء ١٧ : ٤٥.
(٤) دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ١٩٥.