يَشاءُ » (١) وعنها العبارة تارة بالإحسان الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وأخرى بالإيقان « وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ » (٢) وإلى المراتب الثلاثة الإشارة بقوله عز وجل « لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » (٣) وإلى مقابلاته التي هي مراتب الكفر الإشارة بقوله جل وعز « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً » (٤).
أقول وسيأتي تحقيق ذلك في كتاب الإيمان والكفر.
وقال الرازي فإن قيل لم شرط رفع الجناح على التناول المطعومات بشرط الإيمان والتقوى مع أن من المعلوم أن من لم يؤمن ومن لم يتق ثم تناول شيئا من المباحات فإنه لا جناح عليه في ذلك التناول بلى عليه جناح في ترك الإيمان وفي ترك التقوى قلنا ليس هذا للاشتراط بل لبيان أن أولئك الأقوام الذين نزلت فيهم هذه الآية كانوا على هذه الصفة ثناء عليهم (٥).
وقال الطبرسي والأجل المرتضى علي بن الحسين الموسوي قدس الله روحه ذكر في بعض مسائله أن المفسرين تشاغلوا بإيضاح الوجه في التكرار الذي تضمنه هذه الآية وظنوا أنه المشكل فيها وتركوا ما هو أشد إشكالا من التكرار وهو أنه تعالى نفى الجناح عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيما يطعمونه بشرط الاتقاء والإيمان وعمل الصالحات والإيمان وعمل الصالحات ليس بشرط في نفي الجناح فإن المباح إذا وقع من الكافر فلا إثم عليه ولا وزر.
__________________
(١) المائدة : ٥٤.
(٢) البقرة : ٤.
(٣) المائدة : ٩٣.
(٤) النساء : ١٣٧.
(٥) تفسير الرازي.