وأفعاله وآثار لطفه ، والعزم على إيصال الخير والاحسان إلى كافة خلقه ، وأما عمل اللسان فاظهار ذلك المقصود بالتحميد والتمجيد والتسبيح والتهليل ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك ، وأما عمل الجوارح فاستعمال نعمه الظاهرة والباطنة في طاعته وعبادته ، والتوقي من الاستعانة بها في معصيته ومخالفته كاستعمال العين في مطالعة مصنوعاته ، وتلاوة كتابه ، وتذكر العلوم المأثورة من الانبياء والاوصياء عليهمالسلام وكذا سائر الجوارح.
فظهر أن الشكر من امهات صفات الكمال ، وتحقق الكامل منه نادر كما قال سبحانه : « وقليل من عبادي الشكور » (١).
ولماكان الشكر بالجوارح التي هي من نعمه تعالى ولايتأتى إلا بتوفيقه سبحانه ، فالشكر أيضا نعمة من نعمه ، ويوجب شكرا آخر ، فينتهي إلى الاعتراف بالعجز عن الشكر ، فآخر مراتب الشكر الاعتراف بالعجز عنه ، كما أن آخر مراتب المعرفة والثناء الاعتراف بالعجز عنهما ، وكذا العبادة كما قال سيد العابدين والعارفين والشاكرين صلىاللهعليهوآله : لا احصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وقال صلىاللهعليهوآله : ماعبدناك حق عبادتك ، وما عرفناك حق معرفتك.
قوله عليهالسلام : « الطاعم الشاكر» : الطاعم يطلق على الاكل والشارب ، كما قال تعالى : « ومن لم يطعمه » (٢) ويقال : فلان احتسب عمله وبعمله ، إذانوى به وجه الله ، والمعطى اسم مفعول والمحروم من حرم العطاء من الله أو من الخلق والقانع الراضي بما أعطاه الله.
٢ ـ كا : بالاسناد المتقدم عنه عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما فتح الله على عبدباب شكر فخزن عنه باب الزيادة (٣).
___________________
(١) سبأ : ١٣.
(٢) البقرة : ٢٤٩.
(٣) الكافى ج ٢ ص ٩٤.