المعاصي ، وقد ذكر بعض الاصحاب أنه لوشرب المباح متشبها بشراب المسكر فعل حراما ولعله ليس لمجرد النية بل بانضمام فعل الجوارح إليها.
ويتصور محل النظر في صور منها : مالووجد امرأته في منزل غيره فظنها أجنبية فأصابها فتبين أنها زوجته أو أمته ، ومنها مالووطئ زوجته فظنها حائضا فبان طاهرا ومنها لوهجم على طعام بيد غيره فأكل منه فتبين ملك الاكل ، ومنها لوذبح شاة فظنها للغير بقصد العدوان ، فظهرت ملكه ، ومنها إذا قتل نفسا فظنها معصومة فبانت مهدورة.
وقد قال بعض العامة يحكم بفسق متعاطي ذلك لدلالته على عدم المبالاة بالمعاصي ويعاقب في الاخرة مالم يتب عقابا متوسطا بين عقاب الكبيرة والصغيرة وكلاهما تحكم وتخرص على الغيب انتهى.
وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه في بعض تعليقاته على الكتاب المذكور قوله « لايؤثرنية المعصية عقابا ولاذما » الخ غرضه طاب ثراه أن نية المعصية وإن كانت معصية إلا أنه لما وردت الاخبار بالعفو عنها لم يترتب على فعلها عقاب ولاذم وإن ترتب استحقاقهما ولم يرد أن قصد المعصية والعزم على فعلها غير محرم كمايتبادر إلى بعض الاوهام ، حتى لو قصد الافطار مثلا في شهر رمضان ولم يفطر لم يكن آثما كيف والمصنف مصرح في كتب الفروع بتأثيمه ، والحاصل أن تحريم العزم على المعصية مما لاريب فيه عندنا وكذا عند العامة ، وكتب الفريقين من التفاسير وغيرها مشحونة بذلك ، بل هو من ضروريات الدين ، ولابأس بنقل شئ من كلام الخاصة والعامة في هذا الكتاب ليرتفع به جلباب الارتياب.
في الجوامع عند تفسيرقوله تعالى : « إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا » (١) يقال للانسان : لم سمعت مالايحل لك [ سماعه ، ولم نظرت إلى مالايحل لك ] النظر إليه ، ولم عزمت على مالايحل لك العزم عليه انتهى وكلامه
___________________
(١) أسرى : ٣٦.