أو النيات الفاسدة ، والعقائد الردية ، والطينات الخبيثة ، فيكون الخبر دليلا على ذلك ، فان من يكون في بدو حاله فاجرا ويختم له بالحسنى ، إنما يحبه الله لما يعلم من حسن سريرته الذي يدل عليه خاتمه عمله ، ومن كان بعكس ذلك يبغضه لمايعلم من سوء سريرته ، وهذان الوجهان مما خطر بالبال وربما يؤيد الثاني ماذكره بعده كمالايخفى بعد التأمل.
وقال ابن أبي الحديد (١) هومشتق من قوله تعالى « والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه » (٢) والمعنى أن لكلي حالتي الانسان الظاهرة أمرا باطنيا يناسبها من أحواله ، والحالتان الظاهرتان ميله إلى العقل ، وميله إلى الهوى ، فالمتبع لعله يرزق السعادة والفوز ، فهذا هوالذي طاب ظاهره وطاب باطنه ، والمتبع لمقتضى هواه يرزق الشقاوة والعطب ، وهذا هو الذي خبث ظاهره وخبث باطنه ، ومنهم من حمل الظاهر على حسن الصورة والهيئة وقبحهما ، وقال : همايدلان على قبح الباطن وحسنه ، وحمل حب العبد مع قبح الفعل على ما إذا كان مع قبح الصورة ولايخفى بعد الوجهين على الخبير.
١٨ ـ مجمع البيان : روى العياشي باسناده عن محمدبن مسلم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : مايصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسر سيئا؟ أليس إذا رج إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك؟ والله سبحانه يقول « بل الانسان على نفسه بصيرة » (٣) إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية.
وعن عمربن يزيد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه تلاهذه الاية ثم قال : مايصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس خلاف مايعلم الله منه ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : من أسر سريرة رداه الله رداءها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر (٤).
___________________
(١) شرح النهج الحديدى ج ٢ ص ٤٤٨.
(٢) الاعراف : ٧٥.
(٣) القيامة : ١٤.
(٤) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٩٦.