قال ذلك ، لان من الناس من يمشي في الارض بطرا يدق قدميه عليها ، ليري بذلك قدرته وقوته ، ويرفع رأسه وعنقه ، فبين الله سبحانه أنه ضعيف مهين ، لا يقدر أن يخرق الارض بدق قدميه عليها ، حتى ينتهي إلى آخرها ، وأن طوله لا يبلغ الجبال ، وإن كان طويلا ، علم سبحانه عباده التواضع والمروءة والوقار.
«فاستكبروا» (١) أي عن الايمان والمتابعة «وكانوا قوماعالين» أي متكبرين «وقومهما لنا عابدون» يعني أن بني إسرائيل لناخادمون منقادون.
«لقد استكبروا في أنفسهم» (٢) اي في شأنهم «وعتوا» أي تجاوزوا الحد في الظلم «عتوا كبيرا» بالغا أقصى مراتبه ، حيث عاينوا المعجزات القاهرة ، فأعرضوا عنها ، واقترحوا لانفسهم الخبيثة ما سدت دونه مطامح النفوس القدسية.
«بغير الحق» (٣) اي بغير الاستحقاق ، فان الكبرياء رداء الله «يرجعون» اي بالنشور.
«ولا تصعر خدك للناس» (٤) قيل : اي لا تمله عنهم ، ولا تولهم صفحة خدك كما يفعله المتكبرون ، من الصعر وهو داء يعتري البعير فيلوي عنقه ، وفي المجمع (٥) أي ولا تمل وجهك من الناس تكبرا ولا تعرض عمن يكلمك استخفافا به ، وهذا معنى قول ابن عباس وأبي عبدالله عليهالسلام ، وقيل : هو أن يسلم عليك فتلوي عنقك تكبرا «ولا تمش في الارض مرحا» أي بطرا وخيلاء «إن الله لا يحب كل مختال» أي كل متكبر «فخور» على الناس ، وقال علي بن إبراهيم (٦) «ولا تصعر خدك» أي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم «ولا تمش في الارض مرحا» أي فرحا وفي رواية ابي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام اي بالعظمة.
____________________
(١) المؤمنون : ٤٥ ، (٢) الفرقان ، ٢١.
(٣) القصص : ٣٩.
(٤) لقمان : ١٨.
(٥) مجمع البيان ج ٨ ص ٣١٩.
(٦) تفسير القمي : ٥٠٨.