وعقوبته مع عدم العلم بالعفو عظيم أو لانالتوبة المقبولة نادرة مشكلة وشرائطها كثيرة ، والتوفيق لها عزيزة «وأشدها ما نبت عليه اللحم والدم» كأن المراد به ماله دخل في قوام البدن من المأكول والمشروب الحرامين ، ويحتمل أن يكون المراد به ذنبا اصر وداوم عليه مدة نبت فيه اللحم والعظم ، وإطلاق هذه العبارة في الدوام والاستمرار شائع في عرف العرب والعجم ، بل أخبار الرضاع ايضا ظاهرة في ذلك.
«لانه إما مرحوم وإما معذب» اي آخرا أو في الجنة والنار ، لكن لا بد أن يعذب في البرزخ أو المحشر قدر ما يطيب جسمه الذي نبت على الذنوب ، لان الجنة لا يدخلها إلا الطيب ويؤيده ما رويناه من النهج (١) وقيل : المرحوم من كفرت ذنوبه بالتوبة أو البلايا أو العفو ، والمعذب من لم تكفر ذنوبه بأحد هذه الوجوه.
واقول : هذا الخبر ينافي ظاهرا عموم الشفاعة وعفو الله وتكفير السيئات بالحسنات على القول به ، وأجيب بوجوه الاول أن يقال : يعني أن صاحب الذنب الذي نبت عليه اللحم والدم أمره في مشية الله ، لانه ليس بطيب ، ولا يدخل الجنة قطعا وحتما إلا طيب ، الثاني أن يخص هذا بغير تلك الصور اي لا يدخلها بدون الشفاعة والعفو والتكفير ، الثالث ما قيل : إنه تعالى ينزع عنهم الذنوب فيدخلونها وهم طيبون من الذنوب ، ويؤيده قوله تعالى : «ونزعنا ما في صدورهم من غل» الآية (٢) وهو بعيد.
٦ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن ابان ، عن الفضيل بن يسار ، عن ابي جعفر عليهالسلام قال : إن العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق (٣).
بيان : «فيزوى عنه الرزق» اي يقبض أو يصرف وينحى عنه ، اي قد يكون تقتير الرزق بسبب الذنب عقوبة أو لتكفير ذنبه ، وليس هذا كليا بل هو
____________________
(١) راجع النهج الرقم ٤١٧ من الحكم.
(٢) الاعراف : ٤٣.
(٣) الكافي ج ٢ ص ٢٧٠.