«ولا يستثنون» اي لم يقولوا إنشاء الله في يمينهم ، فأحرق الله جنتهم.
وقال البيضاوي : «ولا يستثنون» : ولا يقولون إنشاء الله ، وإنما سماه استثناء لما فيه من الاخراج غير أن المخرج به خلاف المذكور ، والمخرج بالاستثناء عينه ، أو لان معنى لاخرج إنشاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد أو لا يستثنون حصة المساكين ، كما كان يخرج أبوهم. «فطاف عليها» على الجنة «طائف» بلاء طائف «من ربك» مبتدء منه (١).
وقال في المجمع : اي أحاطت بها النار فاحترقت ، أو طرقها طارق من أمر الله «وهم نائمون» قال مقاتل : بعث الله نارا بالليل إلى جنتهم فأحرقتها حتى صارت مسودة فذلك قوله : «فأصبحت كالصريم» أي كالليل المظلم ، والصريمان الليل والنهار ، لانصرام أحدهما عن الآخر ، وقيل : كالمصروم ثماره اي المقطوع وقيل : اي الذي صرم عنه الخير ، فليس فيه شئ منه ، وقيل : أي كالرملة انصرمت من معظم الرمل ، وقيل : كالرماد الاسود «فتنادوا مصبحين» اي نادى بعضهم بعضا وقت الصباح «أن اغدوا» اي بأن اغدوا «على حرثكم» الحرث الزرع والاعناب «إن كنتم صارمين» أي قاطعين النخل.
«فانطلقوا» أي مضوا إليها «وهم يتخافتون» يستارون بينهم «أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين» هذا ما كانوا يتخافتون به «وغدوا على حرد» أي على قصد منع الفقراء «قادرين» عند أنفسهم وفي اعتقادهم على منعهم وإحراز ما في جنتهم وقيل : على حرد اي على جد وجهد من أمرهم وقيل : اي خنق وغضب من الفقراء ، وقيل : قادرين مقدرين موافاتهم الجنة في الوقت الذي قدروا إصرامها فيه ، وهو وقت الصبح.
«فلما رأوها» اي رأوا الجنة على تلك الصفة «قالوا إنا لضالون» ضللنا عن الطريق ، فليس هذا بستاننا ، أو لضالون عن الحق في أمرنا ، فلذلك عوقبنا بذلك ، ثم استدركوا فقالوا : «بل نحن محرومون» اي هذه جنتنا ولكن حرمنا
____________________
(١) أنوار التنزيل : ٤٣٩.