البهايم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم وأخذوا بعض ما في أيديهم ، ولم يحكموا بغير ما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم (١).
بيان : «خمس» مبتدأ مع تنكيره مثل كوكب انقض الساعة ، والجملة الشرطية خبره أو خمس فاعل فعل محذوف أي تكون خمس ، والفاحشة الزنا ، وفي القاموس السنة الجدب والقحط والارض المجدبة ، والجمع سنون ، وفي النهاية السنة الجدب ، يقال : أخذتهم السنة إذا أجدبوا وأقحطوا ، والمؤنة القوت ، وشدة المؤنة ضيقها ، وعسر تحصيلها.
وقيل : يترتب على كل واحد منها عقوبة تناسبه ، فان الاول لما كان فيه تضييع آلة النسل ، ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه ، والثاني لما كان القصد فيه زيادة المعيشة ناسبه القحط وشدة المؤنة وجور السلطان بأخذ المال وغيره ، والثالث لما كان فيه منع ما أعطاه الله بتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء ، والرابع لما كان فيه ترك العدل والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو وأخذ الاموال ، والخامس لما كان فيه رفض الشريعة وترك القوانين العدلية ناسبه وقوع الظلم بينهم وغلبة بعضهم على بعض.
واقول : يمكن أن يقال : لما كان في الاول مظنة تكثير النسل ، عاملهم الله بخلافه ، وفي الثالث لما كان غرضهم توفير المال منع الله القطر ليضيق عليهم ، واشار بقوله : «ولولا البهائم لم يمطروا» إلى أن البهايم لعدم صدور المعصية منهم وعدم تكليفهم استحقاقهم للرحمة أكثر من الكفرة ، وأرباب الذنوب والمعاصي ، كما دلت عليه قصة النملة ، واستسقاؤها وقولها : اللهم لا تؤاخذنا بذنوب بني آدم ، ويؤمي إليه قوله تعالى : «بل هم أضل سبيلا» (٢).
والمراد بنقض عهد الله وعهد رسوله نقض الامان والذمة التي أمر الله برعايتها والوفاء بها ، وإذا خفرت الذمة أديل لاهل الشرك من أهل الاسلام ، وهو الظاهر
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٧٣. (٢) الفرقان : ٤٤.