لامر قد سعد به حين أتاه ، وذلك قول الله تعالى : «وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين» (١).
بيان : قوله عليهالسلام : «صافي خالص دين الله» كأن إضافة الصافي إلى الخالص للبيان تأكيدا ، ويحتمل اللامية ، أي المحبة الصافية لله الحاصلة من خالص دينه ، وفي تحف العقول : من دخل خالص حقيقة الايمان (٢) و «أكلته» وأختاها على صيغة الخطاب ، ويحتمل التكلم ، والغرض أن هذه لذات قليلة فانية ، ولا يختارها العاقل على النعم الجليلة الباقية.
«لم يطمئنوا» اي لم يلههم الامل الطويل عن العمل «ولم يأمنوا» اي في كل حين «قدومهم الآخرة» بالموت أو عذاب الآخرة «أهل فكرة» خبر مبتدأ محذوف استينافا بيانيا وكذا قوله «لم يصمهم» استيناف بياني للاستيناف «ما سمعوا بأذانهم» من وصف ملاذ الدنيا وزهراتها ، وحكومة أهلها وبسطة أيديهم فيها ، والقصص الملهية الباطلة.
«ولم يعمهم عن ذكر الله» الحاصل بالعبرة من أحوال الدنيا وفنائها «ففازوا» لترك الدنيا «بثواب الآخرة ، كما فازوا بذلك العلم» وهو العلم اليقيني بدناءة الدنيا وفنائها ، ورفعة الآخرة وبقائها ، وتمييز الخير من الشر ، والهدى من الضلالة وأهل الدنيا من أهل الآخرة ، والمحقين من المبطلين ، ومن يجب اتباعه من أهل الآخرة وأئمة الحق ، وم يجب التبري عنه من أهل الدنيا واصحابها ، وأئمة الضلالة فهذه هي الحكمة الحاصلة من الزهد في الدنيا ، فلما فازوا بهذا العلم فازوا بنعيم الآخرة.
«ايسر أهل الدنيا مؤنة» المؤنة بالفتح القوت والثقل ، وذلك لانهم يكتفون بقدر الكفاية بل الضرورة والمعونة مصدر بمعنى الاعانة «تذكر» اي حاجتك لهم «فيعينونك» فيها ، وإذا كنت متذكرا لما يوجب صلاح أمر دنياك وآخرتك
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٣٢ ، والاية في آل عمران : ١٤١.
(٢) تحف العقول ص ٢٩٥ في ط وص ٢٨٦ في ط آخر.