الامر مهموز من بابي تعب ونفع ايضا وفاجأه مفاجأة اي عاجله ، وقال : الطفيف مثل القليل وزنا ومعنى ، ومنه قيل تطفيف المكيال والميزان ، وقد طففه ، وهو مطفف ، إذا كال أو وزن ولم يوف انتهى.
واقول : قال تعالى : «ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أووزنوهم يخسرون» قال البيضاوي : التطفيف البخس في الكيل والوزن لان ما يبخس طفيف ، أي حقير ، وفي الحديث خمس بخمس : ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، وما ظهر فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ، وقال : «على الناس» أي منهم «يستوفون» أي يأخذون حقوقهم وافية «وإذا كالوهم أو وزنوهم» اي كالوا للناس ووزنوا لهم (١).
والمراد بالنقص نقص ريع الارض من الثمرات والحبوب كما قال سبحانه : «ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون» (٢) «منعت الارض» على بناء المعلوم ، فيكون المفعول الاول محذوفا اي منعت الارض الناس بركتها ، أو المجهول ، فيكون الفاعل هو الله تعالى والجور نقيض العدل وهذه الفقرة تحتمل وجهين : الاول أن الجور في الحكم وترك العدل هو معاونة للظالم على المظلوم فلا يكون على سياق سائر الفقرات ، وكأن النكتة فيه أن سوء اثره وهو الاختلال في نظام العالم لما كان ظاهرا اكتفى بتوضيح أصل الفعل ، وإظهار قبحه.
الثاني أن يكون المراد أنه تعالى بسبب هذا الفعل يمنع اللطف عنهم فيتعاونون على الظلم والعدوان ، حتى يصل ضرره إلى الحاكم والظالم ايضا كما قال عليهالسلام في الخبر السابق : «جعل الله بأسهم بينهم» والظاهر أن المراد بالعهد
____________________
(١) أنوار التنزيل : ٤٥٧.
(٢) الاعراف : ١٣٠.