كما أن منازل المسافر إنما تبنى لذلك ، وقد قال بعض الشعراء في هذا المعنى :
نزلنا ههنا ثم ارتحلنا |
|
كذا الدنيا نزول وارتحال |
أردنا أن نقيل بها ولكن |
|
مقيل المرء في الدنيا محال |
وهذا مثل للمبتدين ، ثم ذكر مثلا كاملا للكاملين ، وهو «أو كمال وجدته في منامك» إلى آخره فان أكثر الناس في الدنيا كالنائمين لغفلتهم عن الآخرة وعما يراد بهم ، فاذا ماتوا لم يجدوا معهم شيئا مما اكتسبوا في الدنيا للدنيا كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا.
ثم ذكر عليهالسلام تمثيلا ثالثا وهو أنها كفئ الظلال في سرعة الزوال ، والظلال بالكسر جميع الظل وهو والفئ بمعنى واحد عند كثير الناس ، وقال ابن قتيبة الظل يكون غدوة وعشية ، والفئ لا يكون إلا بعد الزوال ، لانه ظل فاء عن جانب المغرب إلى جانب المشرق والفئ الرجوع وقال ابن السكيت : الظل من الطلوع إلى الزوال والفئ من الزوال إلى المغرب وقال تغلب : الظل للشجرة وغيرها للغداة والفئ للعشاء وقال رؤبة : كلما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو ظل وفئ وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل ، ومن هنا قيل الشمس تنسخ الظل والفئ ينسخ الشمس ، والمراد هنا بالفئ إما المصدر أي كرجوع الظلال اي كما تظل في ظل شجرة مثلا فتنتفع به ساعة ، فترجع عنك فتكون في الشمس ، أو المراد بالفئ الظل وبالظلال ما أظلك من شجر وجدار ونحوهما ، أو المراد بالظلال قطعات السحاب التي تواري الشمس قليلا ثم تذهب وهذا أنسب قال في القاموس : الظل من كل شئ شخصه ومن السحاب وما وارى الشمس منه والظلالة بالكسر السحابة تراها وحدها وترى ظلها على الارض وكسحاب ما اظلك ، وقال : راعيته لاحظته محسنا إليه ، والامر نظرت إلى م يصير؟ وأمره حفظه كرعاه واسترعاه إياهم استحفظه انتهى وفي تحف العقول «فاحفظ يا جابر ما أستودعك من دين الله وحكمته».
قوله عليهالسلام «ولا تسألن» أقول : يحتمل وجوها الاول أن يكون المعنى لا تبالغ في الدعاء والسؤال من الله عما لك عنده من الرزق وغيره ، مما ضمن لك ، ولكن