ليعرف ذلك.
الرابع أنه أراد أنه لا بد لكل مكلف من دار استرضاء حتى يرضى فيها ربه بالاعمال الصالحة ، فاذا لم تكن الدنيا عندك كما وصفتها لك ، بل تكون منهمكا في لذاتها حريصا عليها ، فلتطلب دار استرضاء أخرى غير التي أنت فيها فانه مما لا بد منه.
الخامس أن يقرء «تحول» بصيغة المضارع المخاطب ، بحذف إحدى التائين فالمعنى أنه لا يخفى على ذي عقل قبح الدنيا وفنائها ، فان زعمت أنه ليس كذلك فلعلك تقول ذلك لاجل أنها دار يمكن فيها تحصيل رضا الله ، وهذا لا ينافي ما ذكرت لك من ذم الركون إلى لذاتها وشهواتها ، كما عرفت سابقا.
السادس أن يكون المراد بدار المستعتب دار الآخرة لان الكفار يطلبون فيها الرجوع إلى الدنيا عند مشاهدة عذابها ، كما قال تعالى «وإن يستعتبوا فماهم من المعتبين» (١) فالمراد به إن لم تصدق بهذه الاوصاف لهذه الدار ، فاصبر حتى ترد دار القرار ، فانه حينئذ يظهر لك حقيقة هذا الكلام ، وعلى هذا الوجه يمكن أن يقرء على اسم الفاعل أيضا.
السابع ما ذكره بعض المدعين للفضل أن المستعتب لعله اسم رجل ذي جاه ومال اصابه الذل ، وذهب جميع ما كان له ، فقال عليهالسلام : تحول إلى داره لتعتبر به.
وإنما ذكرناه لغرابته.
واقول : في تحف العقول ليس لفظ «غير» بل هو هكذا «فان تكن الدنيا عندك على ما وصفت لك فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم» فيؤيد المعنى الاول اي إذا عرفت أن الدنيا كذلك ، وصدقت بما قلت ، فتحول عنها اي انتقل إلى الاخرة بقلبك ، واقطع تعلقك عن الدنيا اليوم اختيارا ، قبل أن تقلع عنها عند الموت اضطرارا ، أو إلى مقام الاسترضاء كما مر.
والظاهر أن المستعتب على أكثر الاحتمالات مصدر ميمي قال في القاموس
____________________
(١) فصلت : ٢٤.