قوله : «وليمحص الله» الاية في نل عمران عند ذكر غزوة أحد حيث قال تعالى : «وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * ولمحص الله الذين آمنوا» قال الطبرسي رحمه الله : بين وجه المصلحة في مداولة الايام بين الناس اي وليبتلي الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ينقصهم أو ليخلص الله ذنوب المؤمنين أو ينجي الله الذين آمنوا من الذنوب بالابتلاء ويهلك الكافرين بالذنوب عند الابتلاء (١).
واقول : هذا الوجه الاخير أنسب بالخبر ، ليكون استشهدا للجزئين معا فان الكافرين كانوا حرصاء في الغلبة على المؤمنين ، فنالوها فصارت سببا لشقاوتهم ومزيد عذابهم والمؤمنين كانوا كارهين للمغلوبية ، فصارت سببا لمزيد سعادتهم وتمحيص ذنوبهم.
قال الراغب : أصل المحص تخليص الشئ مما فيه من عيب ، يقال : محصت الذهب ومحصته إذا أزلت عنه ما يشوبه من خبث قال تعالى : «وليمحص الله الذين آمنوا» فالتمحيص هنا كالتزكية والتطهير (٢).
١٨ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عمر بن أبان ، عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال علي بن الحسين عليهماالسلام إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإن الاخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون. فكونوا من أبناء الاخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا [ ألا ] وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الاخرة ، الا إن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الارض بساطا ، والتراب فراشا ، والماء طيبا ، وقرضوا من الدنيا تقريضا ، ألا ومن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن اشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.
الا إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة مخلدين ، وكمن رأى أهل
____________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٥١٠.
(٢) المفردات : ٤٦٤.