عفيفة» عن المحرمات والشبهات «وحوائجهم خفيفة» لاقتصارهم في الدنيا على القدر الضروري منها «صبروا أياما قليلة» اي أيام عمرهم ، فانها قليلة في جنب أيام الاخرة صبروا فيها على الفقر والضر ومشقة فغل الطاعات ، وترك المحرمات وإيذاء الظلمة والمخالفين ، فصاروا بعقبى راحة طويلة ، في القاموس : العقبى جزاء الامر ، ، وقال الراغب : العقب والعقبى يختصان بالثواب نحو «خير ثوابا وخير عقبا» (١) وقال «أولئك لهم عقبى الدار» (٢) «فنعم عقبى الدار» (٣) والعاقبة إطلاقها يختص بالثواب نحو «والعاقبة للمتقين» (٤) وبالاضافة قد تستعمل في العقوبة نحو «ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوآى» (٥) انتهى.
واقول : العقبى غالبه أنه يستعمل في الثواب ، وقد يستعمل في العقاب أيضا كقوله تعالى «تلك عقبى الذين اتقوا وعقى الكافرين النار» (٦) وقوله سبحانه «ولا يخاف عقبيها» (٧) وقال البيضاوي : (٨) في قوله تعالى «أولئك لهم عقبى الدار» اي عاقبة الدنيا ، وما ينبغي أن يكون مآل أهلها وهي الجنة. وفي قوله سبحانه : «تلك عقبى الذين اتقوا» اي الجنة الموصوفة مآلهم ومنتهى أمرهم ، وفي قوله «وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار» (٩) اللام يدل على أن المراد بالعقبى العاقبة المحمودة انتهى. والباء في قوله «بعقبى» إما بمعنى إلى أو بمعنى «مع» وإضافة العقبى إلى الراحة للبيان ويحتمل غيره أيضا ، وفي فقه الرضا : فصارت لهم العقبى راحة طويلة.
«وأما الليل» ظاهره النصب على الظرفية ، وقيل : يحتمل الرفع على الابتداء ، والتخصيص به لان العبادة فيه أشق وأقرب إلى القربة ، وحضور القلب
____________________
(١) الكهف : ٤٤. (٢) الرعد : ٢٢.
(٣) الرعد : ٢٤. (٤) الاعراف : ١٢٨.
(٥) الروم : ١٠ ، راجع مفردات غريب القرآن ص ٣٤٠.
(٦) الرعد : ٣٥. (٧) الشمس : ١٥.
(٨) أنوار التنزيل : ٢١٣.
(٩) الرعد : ٤٢ ، راجع أنوار التنزيل : ٢١٥.