بيان : قد مر صدر هذا الخبر في باب الرضا بالقضا (١) إلى قوله : «إلا أن الزهد» وكان فيه : «الزهد عشرة أجزاء» ومنهم من جعل الاجزاء العشرة باعتبار ترك حب عشرة اشياء : المال ، والاولاد ، واللباس ، والطعام ، والزوجة والدار ، والمركوب ، والانتقام من العدو ، والحكومة ، وحب الشهرة بالخير وهو تكلف مستغنى عنه ، والآيات في الحديد هكذا «اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد» إلى قوله سبحانه : «وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور» ثم قال تعالى بعد آية : « ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تاسوا ... ».
قال المفسرون : اي كتبنا ذلك في كتاب لكيلا تأسوا اي تحزنوا على ما فاتكم من نعم الدنيا ولا تفرحوا بما آتيكم اي ما أعطاكم منها ، وقال الطبرسي رحمه الله : والذي يوجب نفي الاسى والفرح من هذا أن الانسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك ، وإذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه ، والحقوق الواجبة فيه ، فلا ينبغي أن يفرح به ، وأيضا فاذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له ، بل يجب أن يهتم لامر الآخرة التي تدوم ولا تبيد انتهى (٢).
ولا يخفى أن هذين الوجهين لا ينطبقان على التعليل المذكور في الآية إلا أن يقال : إن هذه الامور أيضا من الامور المكتوبة ، ولذا قال غيره : إن العلة في ذلك أن من علم م أن الكل مقدر ، هان عليه الامر.
وقال بعض الافاضل : هو تعليل لقوله قبل ذلك بثلاث آيات : «اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو» وهذا وجه حسن بحسب المعنى ، ولا تكلف في التعليل حينئذ ، لكنه بحسب اللفظ بعيد ، وإن كانت الآيات متصلة بحسب المعنى
____________________
(١) يعني باب الرضا بالقضاء من الكافي ص ٦٢.
(٢) مجمع البيان ج ٩ ص ٢٤٠.