الحق ، فمن في قوله : «مما» للتعليل ، و «ماذا» للاستفهام أي لاي علة صار ضد الحق مطلوبهم ، قال : لرغبتهم في الدنيا ، وقيل : أي مماذا طلب أعداء الحق مطلوبهم.
والهمزة في «ألا» للاستفهام و «لا» للنفي و «من» زائدة لعموم النفي والمعنى الا يوجد صبار كريم النفس ، يصبر على الدنيا ، وعلى فقرها وشدتها ، ويزهد فيها وقد يقرء «صبار» بكسر الصاد وتخفيف الباء ، مصدر باب المفاعلة مضافا إلى كريم ، وقرء بعضهم الا بالتشديد استثناء من الرغبة فيها أي إلا أن تكون الرغبة فيها من صبار كريم يطلبها من طرق الحلال ، ويصبر على الحرام وعلى إخراج الحقوق المالية وإعانة الفقراء فان الرغبة في هذه الدنيا إنما هي للآخرة وأول الوجوه أظهرها.
ثم رغب عليهالسلام في الزهد وسهل تحصيله بقوله : «فانما هي» اي الدنيا «أيام قلائل» وهي أيام العمر فالصبر على ترك الشهوات وتحمل الملاذ (١) فيها سهل يسير سيما إذا كان مستلزما للراحة الطويلة الدائمة «الا إنه» الا حرف تنبيه وشبه حصول الايمان الكامل في القلب بحيث يظهر أثره في الجوارح بادراك طعم شئ لذيذ مع أن اللذات الروحانية أعظم من اللذات الجسمانية.
قوله : «إذا تخلى المؤمن من الدنيا» أي جعل نفسه خالية من حب الدنيا وقطع تعلقه بها أو تفرغ للعبادة مجتنبا من الدنيا «أي جعل نفسه خالية من حب الدنيا وقطع تعلقه بها أو تفرغ للعبادة مجتنبا من الدنيا ومعرضا عنها قال في النهاية : فيه : تفعل من الخلو والمراد التبرؤ من الشرك وعقد القلب على الايمان ، وقال : السمو العلو يقال سما يسمو سموا فهو سام ، ويقال : فلان يسمو إلى المعالي إذا تطاول إليها انتهى اي ارتفع من حضيض النقص إلى أوج الكمال أو مال وارتفع إلى عالم الملكوت وارتفعت همته عن التدنس بما في عالم الناسوت.
« كأنه قد خولط» قال في القاموس : خالطه مخالطة وخلاطا مازجه ، والخلاط
____________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر تحمل المشاق ، أو تجنب الملاذ.