إبراهيم عليهالسلام قال : قال أبوذر رحمه الله : جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغدى بأحدهما وأتعشى بالآخر ، وبعد شملتي الصوف أتزر بإحداهما وأرتدي بالاخرى (١).
بيان : «جزى الله الدنيا عني مذمة» قوله : «مذمة» مفعول ثان لجزى اي يوفقني لان أجزيه ، وقيل : أحال الذم إلى الله نيابة عنه للدلالة على كمال ذمه ، فان كل فعل من الفاعل القوي قوي وفي النهاية : الشملة كساء يتغطى به ويتلفف فيه انتهى ويدل على جواز لبس الصوف بل استحبابه ، وما ورد بالنهي والذم فمحمول على المداومة عليه أو على ما إذا لم يكن للقناعة ، بل لاظهار الزهد والفضل ، كما ورد في وصية النبي صلىاللهعليهوآله لابي ذر رضاللهعنه : يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون أن لهم بذلك الفضل على غيرهم ، وسيأتي الكلام فيه في أبواب التجمل إنشاء الله تعالى.
٣٤ ـ كا : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن الحكم ، عن المثنى ، عن ابي بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أبوذر رضاللهعنه يقول في خطبته : يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلا ما ينفع خيره ، ويضر شره ، إلا من رحم الله ، يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك ، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم ، والدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره ، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ، ثم استيقظت منها ، يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله عزوجل ، فانك مثاب بعملك كماتدين تدان يا مبتغى العلم (٢).
بيان : «يا مبتغي العلم» اي يا طالبه «كأن شيئا من الدنيا» هذا يحتمل وجوها الاول أن يكون إلا في قوله : «إلا ما ينفع» كلمة استثناء ، وما موصولة فالمعنى أنما يتصور في هذه الدنيا إما شئ ينفع خيره أو شئ يضر شره كل أحد «إلا من رحم الله» فيغفر له إما بالتوبة أو بدونها.
____________________
(١ و ٢) الكافي ج ٢ ص ١٣٤.