بتشبيه الدنيا للاشارة إلى أن الاهتمام هنا ببيان حاله أشد وأكثر ، والضمير في «نمتها» راجع إلى النومة ، فهو بمنزلة مفعول مطلق ، وهذا بالنسبة إلى المستضعفين وكأن التخصيص بذكرهم لان المتقين بعد الموت في النعيم والجنة ، والكفار في العذاب والنار ، فليس بين الدنيا والآخرة لهما فاصلة ، فيتحولون من الدنيا إلى الآخرة ، كما روي : من مات فقد قامت قيامته.
وأما المستضعفون فلما كانوا ملهى عنهم ، استدرك ذلك بأن حالهم في البرزخ كنوم ليلة ، فلا فاصلة بين دنياهم وآخرتهم حقيقة ، ويحتمل أن يكون الغرض بيان قلة نعيم البرزخ وجحيمها بالنسبة إلى نعيم الآخرة وحميمها ، فكأنهم نائمون أو لان جل عذابهم بعد السؤال والضغطة وأمثالهما لما كان روحانيا شبه تلك الحالة بالنومة ، ولم يتعرض أحد لتحقيق هذه الفقرة ، مع إشكالها ومخالفتها ظاهرا للآيات والاخبار الكثيرة.
قوله رحمه الله : «قدم» اي العمل الصالح «لمقامك بين يدي الله عزوجل» أي للحساب «كما تدين تدان» اي كما تفعل تجازى ، فهو على المشاكلة ولا يضر تقدمه ، أو كما تجازي الرب تجازى ، ولا تخلو من بعد ، أو كما تجازي العباد تجازي ، فيكون تأسيسا ، قال الجوهري : دانه دينا اي جازاه ، كما يقال : كما تدين تدان ، اي كما تجازي تجازى بفعلك وبحسب ما عملت ، وقوله تعالى «إن ا لمدينون» (١) اي مجزيون.
«يا مبتغي العلم» قيل هذا افتتاح كلام آخر تركه المصنف وإنما ذكر ليعلم أن ما ذكره ليس جميع الخطبة كما مر بعضه في باب الصمت حيث قال رضاللهعنه : يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير الخ (٢).
٣٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن
____________________
(١) الصافات : ٥٣.
(٢) راجع الكافي ج ٢ ص ١١٤ ، وقد أخرجه المؤلف العلامة رضوان الله عليه في ج ٧١ ص ٣٠١.